رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
ثقة معهودة بها.
هاتي المنيو وأنا هجيبلكم حاجة حلوة على ذوقي.
لم تبد أيا منهن أدنى معارضة وتركن لها مهمة اختيار ما قد يرضي أذواقهن المتباينة فتحركت من فورها صوب عامل الكاشير لتطلب ما وجدته مناسبا وفق ذوقها المميز.
كعادته تفادى نظرات الإعجاب التي يستطيع تبينها وقراءتها بسهولة كلما مر بجمع من النساء فوجوههن مع حركة أعينهن المنبهرة بجانب تعليقاتهن الهامسة تفضح تأثير حضور عليهن ورغم ذلك لم يكن يشعر بالرضا عن حاله بل بدا الأمر وكأنه تحت وطأة من الضغط والإحراج لهذا كان لا يحبذ التواجد في الأماكن العامة أو التي تشتهر بالزحام. انعكس العبوس على محيا عمر
استدار أنس برأسه ليتابع سير إحداهن وهي تتغندر في مشيتها قائلا
يا باشا المزز الحلوين كلهم بيجوا في الأماكن دي.
لكزه عمر في جانب ذراعه قبل أن يوبخه
مش إنت توبت يا ابني ولا أنا غلطان
حمحم مرددا مبتسما ابتسامة عريضة
أيوه طبعا بس ده لا يمنع إني أمتع عيني بالحلويات والجمال الرباني.
شكلك من اللي بيضحك عليهم بسهولة ده كلهم يا نافخين يا ضاربين الشغل.
أطلق ضحكة قصيرة ليضيف بعدها بابتهاج غريب
وماله هما بيعملوا ده كله ليه مش علشان احنا نتبسط ونكون راضيين عنهم خلينا نقدر تعبهم ده.
بلهجة محذرة تكلم عمر وهو يشير إليه بسبابته
رفع كفه للأعلى معترضا عليه
مش أنا يا باشا.
في غير صبر قال عمر وهو يطوي ذراعي نظارته الشمسية ليعلقها في الزر العلوي لقميصه السماوي الذي يبرز انتفاخ عضلاته
طب شوف هتقعدنا فين.
أشار أنس بيده نحو أحد الأماكن هاتفا بنبرة متحمسة
الكافيه ده ممتاز...
ثم خفض من نبرته مكملا بابتسامة لعوب
فهم ما يرمي إليه فرسم ذلك التعبير الجاد على تقاسيمه معقبا
قولتلي بقى.
لم يتركه عمر يهنأ باختياره حيث جذبه من كتفه بخشونة طفيفة ليأمره في لهجة صارمة لا ترد
خلينا نقعد جوا علشان عينك الزايغة دي.
تنهد مليا وهو يقول مستسلما دون أن يبعد عينيه عن إحداهن
أوامر معاليك.
دون أن ينظر ناحيتها رد عمر في تفهم
حصل خير.
سرعان ما ارتفع حاجباها للأعلى في ذهول عندما رأت ملامحه المألوفة بينما تعكرت تعبيراته وانتشر فيها عبوسا جليا عندما أبصرها. انقلبت سحنته وهاجمها بتحفز مبرر
إنتي تاني
هذه المرة اصطدامها به كان بلا قصد ومع ذلك لم يقبل بسماع أي تفسيرات منها وواصل مهاجمتها لفظيا بنبرة مسموعة لمن حولها
يعني
أعمل إيه علشان تحلي عن سكتي وتبطلي تبهدليني!!
استشاطت حنقا من تعنيفه الزائد وهتفت في تعصب وهي تستخدم يدها في التلويح إليه
ما تزعقش قولتلك ما شوفتكش عايز تصدق براحتك مش عايز إنت حر!
تدخل أنس في الحوار محاولا تلطيف الأجواء
خلاص يا جماعة أكيد ده مش مقصود يعني.
على إثر أصوات الجدال المحتدمة تجمع من في المكان حولهم لتظهر ميرا في الوسط وهي تتساءل بتحير
هو في إيه
ما لبث أن التقطت عيناها وجه أنس فغامت نظرتها نحوه وكسا وجهها وجوما عظيما ليبدو مثلها مندهشا لرؤيتها ومناديا باسمها
ميرا!
صاحت تنذره في حمئة
ما تنطقش باسمي يا كداب يا بتاع التلات ورقات!
دنا منها محاولا تبرير موقفه السابق والمخزي معها
اسمعي بس.
أخذت بهاء الأمر شخصيا واعتبرته غريمها فاعترضت طريقه وهدرت به بغلظة مستخدمة يدها في الإشارة إليه
ابعد عنها.
رد محتجا عليها
أنا عايزة أكلمها بس.
أرجعتها إحدى الشابات للوراء حتى تتجنب الصدام معه في حين ظلت بهاء تسد عليه الطريق وهي لا تزال تحذره
عارف لو فكرت تقرب منها تاني أنا هقفلك وهبهدلك كمان!
اغتاظ من معاداتها المبالغ فيها وسألها في استهجان ونظرة حادة مسددة إليها
مين إنتي أصلا علشان تتكلمي بلسانها ولية أمرها وأنا معرفش!!
رمقته بنظرة استحقارية جعلت داخله ېحترق ڠضبا قبل أن تهينه بعبارتها المتوارية
واحدة عارفة نوعيتك الغشاشة!
احمر وجهه حنقا وهدر يهددها
إنتي أد كلامك ده
لتخرسه وتلزمه عند حده نزعت غطاء زجاجة المياه الخاصة بها وقذفت بمحتوياتها في وجهه بغتة لتجمده الصدمة وټغرق كامل ثيابه. تفاجأ الجميع بما فعلت وقبل أن تتصاعد الأمور أكثر وتتطور للأسوأ أسرعت بسنت بالإمساك برفيقتها وشدتها من ذراعها للخلف وهي تخبرها
ليه كده بس
مسح أنس على وجهه بيده ليزيح قطرات الماء هادرا
قسما بالله لأوريكي.
ردت على تهديده العلني بآخر مماثل له
لو قربت مني هعمل فيك محضر تحرش ووريني هتطلع منه إزاي.
اشتاط على الأخير وراح يبادلها الټهديد
طالما محضر بمحضر خليني أعلم عليكي.
لم تعبأ بنبرته المرتفعة وظلت ثابتة تتحداه
طب يالا يا راجل خليك أد كلمتك.
صاح بها پغضب جم
إنتي مفكرة نفسك مين
قام عمر بتثبيته في مكانه واضعا قبضته على صدره وحال بينهما بجسده ثم طلب منه في صوت أجش
اهدى خلاص.
نظرت ميرا شزرا ل أنس وتكلمت في عجرفة
تعالي يا بيبو ما يستهلش نحرق دمنا علشانه!
حينئذ هدر بها أنس صائحا بما أحرجها وجعلها في موضع مخجل
قبل بس ما تعملي فيها بنت ناس شوفي كنتي مقضياها مع كام واحد قبلي.
لم تتحمل بهاء قڈف رفيقتها بمثل هذه الاټهامات المسيئة وانطلقت تجاهه هاتفة عاليا ومدفوعة بعصبيتها الهائجة قاصدة التشاجر معه يدويا
أما إنك قليل الأدب ومش محترم وأنا مش هسكتلك.
ابعد عني إنت كمان سيبني!
رجاها في ضيق بعدما حررها
امشي لو سمحتي...
ثم وجه كلامه الآمر إلى بسنت قائلا قبل أن يعود إلى رفيقه
خدي صاحبتك المچنونة دي وامشي من هنا.
اغتاظت من نعته المستفز وأرادت مواصلة الھجوم فاستمر تصيح
طالما أنا مچنونة بقى خلوني أوريكم الجنان اللي على حق.
هذه المرة منعتها بسنت من تجاوزه والوصول إليهما برجائها المتوتر
علشان خاطري أنا تعالي معايا.
أجبرتها على الابتعاد عنوة لتغادر مع بقية الشابات وهي لا تتوقف عن الټهديد والوعيد بينما عاد عمر إلى رفيقه ليمنعه هو الآخر من اللحاق بهن تجنبا للاشتباك اليدوي ليتفاجأ بالأخير يسأله في صوت يفح حرارة
مش دي نفس البنت اللي علمت عليك صح
أجابه باقتضاب وقد شاب تفكيره قدرا من الحيرة
أه هي بس بتسأل ليه
لم يجبه أنس وهسهس في وعيد وعيناه المتقدتين لا تبرحان أثر طيفها الذي رحل
زي الفل بقت عندي في ال .
تنحنح عمر قائلا وهو يطوف ببصره على من يجلسون حولهما
اهدى بقى الناس بتتفرج علينا.
واصل أنس الحديث بعصبية
مفكرين نفسهم حاجة وهما تحت رجلي!
حاول عمر بشتى الطرق إسكاته لكنه ظل يصيح بغيظ
وصاحبتها اللي عاملة نفسها شريفة ومخدوعة فيا كل يوم مقضياها مع واحد دي معروفة في الجيم كله ولا هي جت عليا!!
شده عمر من ذراعه ليجبره على السير معه هاتفا
كفاية بقى ويالا بينا من هنا.
جز على أسنانه مدمدما في توعد
ماشي هتشوف بنت ال ... دي!
تمرير التوافه من الأمور والتغاضي عنها كان أمرا عاديا بالنسبة
متابعة القراءة