رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

تشي بالاتهام والإهانة
إنت عامل كل ده علشان البت إياها
أصبح صوت عمر أكثر جدية قبل الحزم وهو ينذره
أنس ماتدخلهاش في الموضوع.
صاح مستنكرا بشدة
أومال تسميه إيه
غلف الجمود ملامحه ونبرته أيضا عندما أجابه
التدريب ده قرب ينتهي ووجودك فيه مالوش لازمة فالأفضل تستثمر جهودك في حاجات تانية.
ما زال على استنكاره منه فغمغم بتذمر
هي بقت كده
تجاهله ولم يوله أدنى اهتمام فتابع في حقد
أنا عايزك بس تفتكر إن البت دي مش سهلة وقعت في الأول بيني وبين صاحبتها علشان توصلي ولما معرفتش لفت ودارت عليك وإنت شربت مقلبها.
وقتها تحفز عمر في جلسته واخشوشنت نبرته بدرجة كبيرة وهو يحذره
أنس إنت مصدق نفسك!
ضيق نظراته متسائلا
قصدك إيه
نهض من مقعده ليوضح له بنبرة جاهد أن تبدو هادئة
أنا أكتر واحد عارف إنت بتعمل إيه ومن زمان ومفرقش معاك أي بنت مشيت معاها ولا حتى ضحكت عليها لأنك واخد الحكاية من باب التسلية واللعب فمتجيش النهاردة تقنعني إنك كنت دايب في هوى صاحبتها.
صاح محتجا عليه
أنا مقبلش حد يستغفلني!
رد عليه محاولا المحافظة على ثبات رنة صوته
فين الاستغفال بالظبط من ناحية بهاء وهي مالها بيك فكر بالعقل شوية هتلاقي نفسك وقعت ضحېة مقلب جديد!
كظم غيظه مرغما وقال في نبرة غير مريحة بالمرة
ماشي يا باشا الكلام خلص.
توجس خيفة من ردة فعله الغامضة فكرر عليه إنذاره الصارم
أنس! أنا بحذرك ملكش دعوة ب بهاء هي بقت تخصني.
أعطاه نظرة مفاداها أنه لن يمرر الأمر مهما حدث رغم نطقه بالعكس
تمام وصلت الرسالة!
راقبه وهو ينصرف على نفس الوتيرة المندفعة التي جاء بها ليعاود الجلوس على مقعده مرددا في رجاء
على الله تكون اقتنعت!
لا تعرف إلى أي مدى قد تغير ما بداخلها منذ هذه الليلة التي تمنى فيها مجازا أن ترضى عنه وتقبل أن تكون زوجته كم ودت لو صار تقاربهما حقيقيا وصادقا! لكنها أحلام حالمة نتجت عن أمنيات خيالها الواهم وإن كانت الشواهد تؤكد اهتمامه الزائد بها. 
زين وجهها ابتسامة مشرقة كانت مختلفة كليا عن أي وقت مضى حينما جاءت إلى الأكاديمية بحثت عنه بقلبها قبل عينيها وحينما رأته ابتهجت من أعماقها ولم تتمكن من إخفاء تعابير السرور من على قسماتها. حاولت بهاء التمتع برؤيته خلسة حينما ينظر للآخرين فتطيل من التحديق فيه دون أن يمسك بها وعندما ينظر إليها تتلبك وترتبك وتباعد نظراتها في خجل كأنما قبض عليها بالجرم المشهود. 
ظلت بسنت تتابع ما يدور بينهما في مرح وبنفس أسلوبها المرح استطردت تشاكس رفيقتها
هنشوف النهاردة فراشات الحب طايرة حواليكم.
همست بهاء مقضبة أحد حاجبيها
بسنت بلاش أفورة ده تدريب عادي.
ابتسمت في استمتاع وهي تمازحها أكثر
أيوه افضلي قولي كده لحد ما أشوفكم سوا على الكوشة!
لمحته يتحرك في الأرجاء وعل
مسافة تقترب منهما فلكزت رفيقتها لتحذرها
طيب اسكتي علشان هو جاي علينا.
وكأن في مراقبته تسلية عظيمة راحت بسنت تتابع بتحمس إيماءاته الخفية فأبصرت كيف يتطلع إلى رفيقتها بشغف فمالت ناحيتها مرة ثانية تؤكد لها
عينه مش شايفة غيرك يا قلبي.
عفويا التقطت عيناها نظرته المهتمة بها فخفضت من مقلتيها متمتمة بتحرج خجل
هتفضحينا على الفاضي!
على مسافة لا تبدو بعيدة عنها اختطف عمر نظرة سريعة تجاهها قبل أن يحول عينيه عنها مخاطبا الجميع
طبعا اللي فاضل في تدريبنا يعتبر مش كتير يدوب حاجات بسيطة وأتمنى تكون التجربة كانت مثمرة ليكم.
رد عليه أحدهم مثنيا على مجهوداته
شكرا يا سيادة الرائد على تعبك معانا حقيقي استفدنا كتير منه.
تابع مبتسما في غموض
أنا فضلت يكون آخر جزء فيه نوع من التجربة والمغامرة أكتر منه تعلم.
لم تسترح بسنت لطريقته في التمهيد لما هم مقبلون عليه فاستطردت تسأل رفيقتها بقلق وارتياب
هيعمل فينا إيه المرادي
انتظرت بترقب تصريحه ليعلم الجميع
مطلوب من حضراتكم تستعدوا علشان هنتحرك دلوقتي على المطار.
في نبرة ممازحة سأله أحدهم
إيه هنروح المالديف
ارتفعت رنات الضحك في المكان وتولى آخر الرد بطرافة
مش للدرجادي هما مش مبذرين أوي.
انتظر عمر إلى أن هدأ الدارسين وأخبرهم مبتسما في انتشاء
احنا هنعمل حاجة أحسن من كده هنجرب القفز بالمظلات!
استنفرت في التو بسنت وهمهمت بملامح مالت للشحوب
هو اللي سمعته ده صح
أومأت بهاء برأسها وهي تبدو مذهولة لاختياره ذلك الأمر
أيوه.
في صوت مرتعش راحت بسنت تكرر
احنا هنط من فوق
حاولت بهاء إبقاء رفيقتها ساكنة لكن الأخيرة كانت قد بدأت ټغرق في نوبة من الهلع فأصبح صوتها مڤزوعا وهي تتساءل
هو بيعمل فينا كده ليه
أمسكت بها من يدها تشد عليها هامسة
اهدي يا بسنت!
غرائز الخۏف تحفزت للغاية بداخلها فاستمرت تردد برفض
طب أنا مش مستغنية عن عمري أنط ليه
حاولت طمأنتها بقولها غير الأكيد
أكيد هنتفرج بس.
كزت على أسنانها قائلة بفزع
هو ده بتاع فرجة!
لم تعرف بهاء بماذا تخبرها فهي مثلها ليست على علم تام بأساليبه العجيبة التي ينتهجها معهم بحجة إكسابهم المزيد من الخبرات العملية لتوسيع آفاق عقلهم. تنبهت لرفيقتها التي أخذت تنوح في لهجة كانت أقرب للرثاء عن المزح
كده احنا روحنا هتصعد لبارئها !!
يتبع الفصل الرابع عش
الفصل الرابع عشر
الفصل الرابع عشر
مستعينا بالحافلات الخاصة بالأكاديمية أخبر عمر كافة الدارسين باستقلالها تمهيدا لنقلهم جميعا للقاعدة الجوية الجديدة وتحديدا حيث تتواجد المناطق الخاصة بحظائر الطائرات المختلفة من أجل الاستعداد لتجربتهم القادمة. ورغم ارتفاع درجة الحرارة وسخونة الهواء إلا أنه لم يؤثر أو يقلل من حماس الغالبية العظمى لخوض مثل هذه المغامر المميزة. 
في مؤخرة الحافلة جلست بسنت في مقعدها بجوار النافذة منكمشة على نفسها أو الأحرى ملتصقة برفيقتها رافضة تقبل فكرة تعريض حياتها للخطړ تحت أي مسمى. كان كل ما يحيط بها هو خلاء شاسع ممتد على جانبي الطريق فالقاعدة الجوية الجديدة تتواجد في منطقة شبه نائية عن الحضر. حاولت بهاء طمأنتها عندما وجدتها شاردة ومتوترة فأخبرتها في هدوء
أكيد مش هننط بجد ده لازم يكون حد متخصص واحنا على الله حكايتنا.
تذمرت باحتجاج واضح وقسمات وجهها مشدودة
وهو ده بيهمه حاجة اللي بيعوزه بيعمله...
التفتت برأسها ناظرة للصحراء الشاسعة التي لا نهاية لها لتدمدم متمة باقي جملتها
واحنا حقل التجارب بتاعه.
وضعت بهاء يدها على جسدها وحاولت تهوين الأمر عليها بقولها غير الأكيد
خلاص يا بسبوسة إن شاءالله مش هيحصل حاجة.
نظرت إليها الأخيرة بعدم اقتناع من طرف عينها فأكملت بهاء مقترحة عليها وبابتسامة مهتزة
ويا ستى لو طلب منك تنطي اعملي نفسك مغمى عليكي.
باعدت ناظريها عنها لتعلق بتجهم مزعوج
ما هو ده اللي هيحصل بس بجد مش هزار!
حينما توقفت الحافلات بداخل القاعدة الجوية كانت الحرارة لا تطاق فبدت وكأن الشمس عمودية على رؤوسهم ساروا بتباطؤ وبإرشاد من العسكريين المكلفين بتأمين المكان إلى داخل أول مرأب للطائرات. تجمعوا في المنتصف على هيئة هلال وفضلت بهاء وبسنت كعادتهما التواجد في الخلفية لتجنب الصدامات المباشرة مع أي فرد. وقف عمر ويداه خلف ظهره في 
في البداية حابب أشكر قادة ورجال القوات الجوية وخصوصا سلاح المظلات على مساعدتهم في التدريب بتاعنا النهاردة.
صفق الجميع تقديرا لهم ليكمل بعدها في شيء من الثناء
هما متأخروش عن دعمنا وده يدل على تعاونهم الكامل فيما يخص الخدمات المجتمعية وده معهود منهم.
زي ما حضراتكم عارفين احنا هنخوض تجربة جديدة بعد ما نتعرف الأول على مفهوم عملية الإنزال الجوي.
ثم وجه
تم نسخ الرابط