رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
بين أروقة النوادي والمراكز الرياضية الفاخرة وإيهامهن بالحب جعلته يشعر بالاستياء العميق والنفور من الوضع برمته فطبيعته مغايرة تماما لما يبدو عليه رفيقه اللعوب ذاك الذي يعرف جيدا التلاعب بالكلمات والغوص في المشاعر الحسية المرهفة للأنثى من أجل بلوغ هدفه وعيش بضعة أسابيع في حضڼ إحداهن يتمتع خلالها بما تمنحه له من سعادة وسرور حتى يمل منها ويذهب اهتمامه بها لينتقل إلى أخرى تعيد إحياء الرغبة بداخله. هذه المرة تحديدا رفض عمر معاونته على استدراج سذاجة فتاة جديدة حديثة العهد بالإيمان بوجود الحب النقي وتمسك برفضه الصارم.
ست الحبايب خير مش بعوايدك تتصلي بيا الميعاد ده.
أخبرته السيدة نهيرة في صوت هادئ
بفكرك إن أخوك جاي مع مراته وعياله حاول تظبط أمورك علشان تبقى فاضي وتقضي الكام يوم دول
معاهم.
قال بعد زفرة سريعة
حاضر هشوف الدنيا إيه.
أنهى معها المكالمة ليجد رفيقه أنس مقبلا عليه فتح باب السيارة وجلس مجاورا له ليبدأ في الثرثرة بتفاخر عما قام به بلا عناء للظفر بمحبة شابة جديدة. نتيجة لذلك تبدلت تعابير وجه عمر وأصبح واجما للغاية رفض بطبيعة الحال التجاوب معه ومع ذلك ظل أنس يلح عليه لإقناعه فأخبره في حزم
نظر إليه الأخير متعجبا من موقفه الغريب وهتف مذهولا
ليه كده
رغم أن صداقتهما لا تزال قائمة بعد جم المشاكل التي يتعرض لها جراء جرائره إلا أنه أبقى على موقفه الحاسم فأخبره وهو يرفع نظارته القاتمة أعلى رأسه
المفروض احنا ناس مسئولة بنعلم غيرنا الالتزام وحماية الوطن نقوم نكون احنا العكس.
كان يعلم أنس بمدى اهتمام رفيقه بمكانته التي وصل إليها بعدما تخرج من كلية الدفاع الوطني ليصبح أحد أهم القائمين على تدريب وإعداد قادة المستقبل من القيادات العسكرية والمدنية رغم صغر سنه إلا أن ذكائه الحاد وكفاءته المشهود بها عند الجميع خولاه ليتقلد ذلك المنصب في فترة وجيزة بالمقارنة مع أقرانه. حاول رفيقه انتهاز فرصته معه مستغلا طيبته وتقبله المسبق للوضع فألح عليه
سأله في نوع من التهكم
ولما تلبس في حيطة
بغير مبالاة رد
يا سيدي هلبس لواحدي مش هجرك معايا.
صمت ولم يقل شيئا فواظب ضغطه عليه
ماشي يا عمر باشا هتديني عربيتك
أراح مرفقه البارز من كم قميصه الأبيض المثني على مسند النافذة الزجاجية الملاصقة لجانبه من السيارة قائلا بهدوء
والله لو فضلت كده للصبح أنا عند رأيي.
إنت هتضطرني كده أروح ل أمير وهو ما هيصدق يشاركني في حتت اللقمة الطرية.
بنفس الأسلوب غير المكترث علق عليه
إنتو أحرار مع بعض طلعوني برا حواراتكم دي.
ترجل أنس من السيارة هاتفا بتعصب طفيف قبل أن يصفق الباب
براحتك.
تابعه عمر ببرود واضح وهو يختفي عن مرمى بصره ليظل قابعا في مكانه الذي اختاره لصف سيارته بالنادي الرياضي منتظرا مجيء رفيقه الآخر لإيصاله إلى منزله في طريق عودته.
إنتي متأكدة إنه هو ده
أمعنت بهاء النظر هي الأخرى في سيارة الجيب وقالت مؤكدة
برغم من تأكيداتها الواثقة إلا أن الشكوك ما زالت تساور بسنت فتساءلت بتوتر ملحوظ في صوتها
بس إنتي شوفتي اللي كان مع ميرا قبل كده
سكتت لهنيهة قبل أن يأتي جوابها منطقيا
الصراحة لأ بس ماظنش إنه هيكون حد غيره وخصوصا إن النادي ده مش بيدخل أي حد من برا غير بكارنيه العضوية حتى لو كان مرافق.
في التو اقترحت عليها رفيقتها وهي ترمش بعينيها
طب ما نصوره ونبعت صورته ل ميرا ونتأكد منها إن كان هو ولا لأ.
مرة ثانية حاولت بهاء تبين ملامح ذلك الشاب وقالت وهي تشرأب بعنقها للأعلى قليلا لتعطي نفسها أكبر مساحة لرؤيته
مش باين من الإزاز.
من جديد تساءلت بسنت بتحير
والعمل
بعد لحظة من التفكير هتفت رفيقتها بعزم وهي تشير بيدها
احنا نخش عليه بخطة الھجوم مرة واحدة وتيجي زي ما تيجي.
تلقائيا انعكس القلق على قسمات وجه الأولى فأخبرتها بمخاوفها
أنا مش مرتاحة يا بهاء لأحسن يطلع حد تاني ونقع في مشكلة كبيرة...
وقبل أن تبدي
الأخيرة اعتراضها واصلت بسنت كلامها عاقدة عزمها
بصي أنا هكلم ميرا واتأكد منها.
تنهدت مليا لترد عليها بعدها بلا جدال
ماشي.
بعدما ضغطت بسنت على زر الاتصال برفيقتهما ألصقت الهاتف بأذنها لتجد هذه الرسالة المسجلة التي تفيد بعدم تمكنها من الوصول إلى المتصل فامتعضت تعبيرات وجهها مرددة
تليفونها مقفول.
علقت الجالسة بجوارها في تبرم منزعج
وده وقته!
في صوت حائر مصحوب بنفس النظرات سألتها بسنت وهي تضع الهاتف بداخل حقيبة يدها
طب إيه العمل
تحفزت بهاء في جلستها وأخبرتها بلا تردد وكأنها تلقي بهواجسها وراء ظهرها
الفرصة هتضيع مننا لازم نتحرك دلوقتي.
ببطء قليل ابتلعت ريقها هاتفة
ربنا يستر.
ردت عليها بثقة غير مشكوك فيها
مټخافيش أنا اللي هكون في وش المدفع.
لوت ثغرها مهمهمة
أنا مش قلقني غير كده!!
بحذر واضح حملت بهاء من المقعد الخلفي كوب النسكافيه الساخن وكذلك علبة البيض الطبيعي الطازج قبل أن تترجل من السيارة لتسير بتؤدة نحو الأمام ساعدها على التحرك بخفة وثقة ارتدائها للزي الرياضي. التصقت بها بسنت استطاعت أن تتلمس ارتعاشة نبرتها عندما خاطبتها في خفوت
ما بلاش الخطة دي!
سألتها في استنكار تلازمه نظرة معاتبة
أومال هنربيه إزاي
ازدردت ريقها وأكملت تعبيرها عما يجوس في بالها
أنا مش مرتاحة حاسة إن في حاجة غلط.
ردت عليها بغير مبالاة
جمدي قلبك وما تخافيش.
تقدمت الاثنتان نحو الأمام إلى بلغت كلتاهما سيارته لحظتها أخفت بهاء كوب النسكافيه وراء ظهرها وأعطت نظرة ذات مغزى إلى رفيقتها لتخفي هي الأخرى علبة البيض عن الأنظار ثم هللت بصوت مرتفع جعل عمر يستدير ناظرا تجاه صاحبة الصوت المزعج
إنت يا كابتن!
خفض من زجاج سيارته الملاصق له ليحدق فيمن تجرأت وأفسدت عليه لحظات سكينته وسكونه منحها نظرة شمولية فاحصة لها فتابعت أوامرها الصارمة إليه
انزلي شوية.
رفع نظارته الشمسية أعلى رأسه وسألها مستفهما بتعجب
أفندم إنتي بتتكلمي معايا أنا
أعطته نظرة استحقار صريحة لتخاطبه بعدها بتأفف
أيوه هو في غيرك هنا
أزعجه للغاية طريقة معاملتها المتعجرفة معه ناهيك عن شعوره المتعاظم بوجود عداوة مبيتة تجاهه دون أن يكون هناك أدنى سبب لهذا خاصة مع عدم معرفته لها لذلك وعلى مضض كبير ترجل من سيارته متسائلا في شيء من الضيق
خير يا آنسة إيه مشكلتك
حين وقف أمامها مع انتصاب كتفيه وانتفاخ ثيابه بعضلاته البارزة ظهر الفارق بينهما في الطول والحجم. ورغم هذا طالعته بنظرة دونية لتردد في اشمئزاز
إنت!!
تحفز في وقفته هاتفا في حنق قد أخذ في التصاعد
نعم
استطردت بعدئذ متسائلة بنبرة مليئة بالاتهام ورفيقتها راحت تتوتر من احتدام الجدال
مفكر إن محدش هيحاسبك على اللي بتعمله
رغم أنها تملك على مقياس الجمال بالنسبة لتقييم الرجل أعلى النسب إلا أن لسانها السليط جعلها في أدنى المراتب وزع نظراته المستهجنة بين الشابتين ليتساءل في سخافة
هو ده مقلب
متابعة القراءة