رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
صوت حازم رغم سمة القلق الظاهرة فيه
امسكيها كويس وخدي بالك من راسها.
يا لهوي دي دماغها اتفتحت.
ربنا يستر وما يجرالهاش حاجة.
أخذ يردد في صوت لاهث آملا ألا يصيبها مكروه
إن شاء الله هتبقى بخير إن شاء الله.
صفق الباب وانطلق راكبا خلف عجلة القيادة ليندفع بسيارته عبر الطرقات والمسالك المختلفة ليصل بها في أقرب وقت إلى المشفى العسكري فالثانية الواحدة قد تكلفها حياتها.
نجيها يا رب من اللي هي فيه دي يتيمة ومالهاش حد يا رب.
يا رب احفظها لي يا رب!
دارت كل الاحتمالات المخيفة في رأسه لكن ما لبث أن سكنت جميعا كأنها لم تكن عندما جاء الطبيب ليطمئنهم على حالتها حتى إصابة رأسها لم تشكل أي خطۏرة عليها وقتئذ تنفس عمر الصعداء وأحس بموجة من الارتياح تغمره فابتسم لأول مرة في حبور لكونه قد أتى في اللحظة المناسبة وإلا
بعد برهة سمح لهم بالدخول لغرفتها التي تمكث بها لتفقدها فأسرعت فادية لتسبقهم واندفعت تجاه فراشها لتميل عليها وټحتضنها وهي تخاطبها في نبرتها الحانية
حمدلله على السلامة يا حبيبتي.
رفعت بهاء ذراعها لتضمها قائلة بصوت خاڤت
الله يسلمك.
أنا كويسة بلاش ټعيطي علشان خاطري.
ردت عليها بصوتها الباكي
مش بإيدي والله كنت خاېفة لتروحي مننا.
قالت مبتسمة في وداعة
أنا الحمد لله أحسن.
لحظتها وقف عمر عند أعتاب الغرفة مترددا في الدخول فاستغلت فادية الفرصة لتمتدح حسن معروفه فهتفت في تفاخر
اندهشت بهاء من الأمر ورمقته بنظرة خاطفة متسائلة في صوت بالكاد كان مسموعا ومعبرا عن حيرتها
جاي علشاني
أضافت زوجة عمها بمزيد من الإثناء على مجهوداته العظيمة
ده ما سبناش للحظة وهو اللي شالك وجابك لهنا ووصى عليكي كل الناس.
نظرت إليه بهاء مجددا في خجل وأردفت
شكرا على تعبك معايا.
تقدم ناحية فراشها معلقا بابتسامة عذبة
ما تقوليش كده المهم عندي إنك بخير.
نطق بكلماته تلك وهو يرمقها بهذه النظرة الشغوفة تلك التي لم تستطع إنكار صدقها شعرت وكأنها نفذت إليها كتيار كهربي فسرى في بدنها رعدة خفيفة جعلتها ترتبك أكثر وتشعر باندفاع الډماء في عروقها لتضفي على وجهها سخونة عجيبة. ما زاد من شعورها بالتلبك والحرج مجيء عمها ليقول في ارتياح
الحمد لله مشكلة الغاز كمان اتحلت مأمور العمارة طمني.
ردت عليه زوجته باستحسان
خير يا رب.
ظن عمر رغم ما حدث أن الظرف مناسب لمفاتحتهم فيما يرغب فيه لهذا دون ترتيب توجه بحديثه إلى عمها مستطردا
عم سليمان أنا عايزك في موضوع.
سأله بتوجس
خير يا ابني
تنحنح قائلا في نبرة اتخذت طابعا جديا
من غير لف ولا دوران ولا تذويق للكلام أنا عاوز أخطب الآنسة بهاء.
حلت الصدمة على ثلاثتهم فحملقوا فيه مندهشين لتفيق فادية أولا من صډمتها مهللة بصياح مبتهج
يا ألف مبروك.
تدارك سليمان نفسه وقال متعللا
بس الظرف مش مناسب يا ابني ولا حتى المكان.
رد عليه بإصرار وعيناه تختطفان نظرة سريعة تجاه بهاء الخجلى
مش فارقة يا عم سليمان المهم عندي إنك توافق.
قال بعدما حك طرف ذقنه
رأيي أنا مش مهم هي اللي هتتخطب مش أنا.
لحظتها توجه عمر بسؤاله إليها مخاطبا إياها برسمية عجيبة
قولتي إيه يا آنسة بهاء
النظرات المرتكزة عليها جعلتها تشعر بعدم الراحة فحاولت المناص من الرد المباشر وأشارت إلى هيئتها مرددة في لمحة من السخرية
طب أرد أقول إيه وأنا بالمنظر ده
ضحكت فادية معلقة بلطافة وهي تلكزها في جانب ذراعها برفق
قولي أه وريحيه إنتي ماشوفتيش كان قلقان عليكي إزاي!
انتظر على أحر من الجمر سماع جوابها فلم تبخل عليه بمنحه ما يثلج صدره ويروي ظمأ نفسه التواقة لما يسعدها فقالت على استحياء وبوجه متضرج في حمرته
وأنا موافقة.
بمجرد أن فاهت بتلك الكلمات الموجزة المعبرة عن قبولها بخطبته حتى قفز قلبه طربا وابتهجت أساريره حتى عينيه انبعثت منهما نظرة فرح متألقة بينما أطلق فادية دفعة متلاحقة من الزغاريد المسرورة كأنما تتواجد في قاعة أفراح لا في غرفة بالمشفى ليضرب بعدها سليمان كفه بالآخر مرددا في تعجب
عشنا وشوفنا جوازات آخر زمن !!
يتبع الفصل السابع عشر
فصل السابع عشر
الفصل السابع عشر
زفرة خانقة وراء الأخرى لفظها وهو يلصق هاتفه المحمول في أذنه منتظرا بصبر فارغ أمام نافذة مكتبه المغلقة بإحكام إجابتها على اتصاله اللحوح بها تجاهلها المتواصل استثار أعصابه أكثر وجعله في حالة من الغليان خاصة بعدما تلقى ذلك التوبيخ اللاذع من قائده والمصحوب بعقۏبة لم يتوقعها استبعاده من التدريس خلال الفترة القادمة في الأكاديمية وإلحاقه بالأعمال الإدارية مع احتمالية نقله إلى مكان آخر يبعد عن العاصمة ليصبح في عداد المنبوذين والمغضوب عليهم بالطبع سيؤثر ذلك على سمعته كثيرا ناهيك عن تأخر ترقياته وربما حرمانه من المكافآت المالية والتقديرات المعنوية. ارتفعت نبرة أنس المحتدة بمجرد أن استجابت ميرا ليبدو صوته أقرب للصړاخ وهو ينهرها
مش بتردي عليا ليه
جاءت نبرتها هادئة للغاية حينما عقبت عليه
كنت مشغولة!
استمر على صياحه بها متسائلا بحنق
شوفتي اللي حصل فيا
كعهدها ردت بهدوء مستفز
أيوه عرفت...
استطاع سماع صوت ثقل أنفاسها وهي تواصل الحديث بما أغاظه
بس أنا ماقولتلكش أعمل كده في حاجة رسمية أنا كان قصدي تعمله شير على النت ولا أي حاجة ماتعملكش إنت مشاكل.
اڼفجر هادرا بها
جاية تقولي الكلام ده دلوقت
لم تعلق بكلمة فتابع في ڠضب وانفعال
أنا اتأذيت في شغلي يا ميرا.
أخبرته بشيء من التأكيد
ما تقلقش هخلي معارف بابا يرجعوك تاني.
لم يبد مقتنعا بذلك وقال محاولا السيطرة على غضبه المندلع
أما أشوف وإلا الزعل هيكون معاكي إنتي.
لم يضف شيئا بعدئذ فأنهى المكالمة فجأة وهو يطلق لفظة نابية يلعنها بها ليتحرك بعيدا عن النافذة ساحبا مقعده للخلف ليجلس عليه وعقله لا يزال يستحضر مشهد تقريع القائد له فما ظن أنها مزحة سخيفة يمكن أن تمر مرور الكرام تحولت إلى نقمة ووبال عليه!
اعتبر أنه من غير اللباقة بعدما أعلنت قبولها بالخطبة أن يتركها مع عائلتها يعودون إلى منزلها بواسطة سيارة أجرة فأصر على توصيلهم ليظهر مدى اهتمامه بشأنهم وفي نفس الوقت يحظى بالمزيد
متابعة القراءة