رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
انتظر لعدة دقائق ريثما يتأكد من صعودها للأعلى أمال رأسه للجانب ليتمكن من رؤيتها حينما أطلت من خلف نافذتها لوحت له بيدها لتودعه وعلى ثغرها ابتسامتها الندية فانتشى داخله
مصيره أصبح في زمام غيره جراء فعلته السخيفة ومع ذلك فشل في الحصول على تسوية لمسألته لإعادة الأمور كما كانت عليها قبل هذا الاستبعاد المجحف وكأن في إقصائه مكسب للجميع. ما زاد الطين بلة تجاهل ميرا لكافة اتصالاته فاستشاط حنقا وڠضبا وكأن ذلك ينقصه اضطر أنس للاستعانة بهاتف أحد رفاقه لمكالمتها وأمام سيل إلحاحه أجابت على اتصاله متسائلة
أتاها صوته الحانق مخترقا طبلة أذنها
يعني كان لازم أطلبك من رقم غريب علشان تردي عليا
هتفت في غير تصديق
أنس
صاح مؤكدا هويته
أيوه زفت.
ردت عليه ببرود مقتضب مبدية عدم استساغتها لاتصاله
خير
سألها مباشرة
برضوه ماشوفتيش حل
قالت مراوغة
ما أنا
قولتلك الموضوع مع بابا وآ...
لم يطق سماع مماطلتها الكاذبة فقاطعها في منتصف ادعائها مهددا
اغتاظت من ذلك وتحدته بغير خوف
إنت بتهددني لأ فوق لنفسك ولو تقدر تعمل حاجة اعملها!
ظهرت الآن نواياها الخفية فقال معلنا قبوله لټهديدها المتبادل
حلو الكلام إنتي اللي اخترتي.
أنهى الاتصال معها ضاغطا على أسنانه لفظ سبابا نابيا في حقها في عصبية مضاعفة وتوعدها
.............................................
مجددا تلقى عبارات الثناء والتشجيع على ما يبذله من مجهودات كبيرة للارتقاء بمستوى الدارسين في الأكاديمية لهذا عاد عمر إلى مكتبه وهو في أوج تفاخره ليجد آخر من يتوقع في انتظاره. حل الوجوم على قسماته وتعامل برسمية بحتة مع أنس فسأله
نهض لمصافحته لكن عمر رفض يده الممدودة إليه فما كان منه إلا أن قال بتحرج
أنا صاحبك وجاي أطمن عليك وبالمرة أباركلك.
استمر على تجافيه المتعمد معه فأردف
شكرا وزي ما إنت شايف أنا مشغول.
عاد أنس ليجلس على المقعد المجاور لمكتبه وتابع
وأنا مش عايز أعطلك هو طلب وحيد منك...
تطلع إليه عمر بلا كلام فاستأنف أنس حديثه
رد عليه بشيء من العجرفة
ده قرار القيادة مافيش في إيدي حاجة.
ألح عليه في تصميم
بس إنت بمعارفك وطريقتك تقدر تقنعهم وأنا أوعدك هظبطك.
لم يكترث قيد أنملة لأمره وعامله ببرود يستحقه
أعذرني يا أنس مش فاضيلك ورايا محاضرات تقدر تطلب قهوتك وتشربها براحتك هنا.
بدا وكأنه يطرده بتهذيب من غرفته خاصة حينما تحرك نحو الباب قائلا
هب أنس وافقا بمجرد أن غادر الغرفة ليكز على أسنانه مدمدما في إحباط ساخط
قفلت معايا زي الدومينو!
رغبته في الاڼتقام أعمت بصيرته ودفعته للتصرف بجموح في مسائل لا يمكن المزاح في شأنها مطلقا لذا تقابل مع أحد زملائه القدامى ممن تخصصوا في اختراق الشبكات العنكبوتية المعادية والتجسس على أصحابها لاستخراج أهم المعلومات منها. طلب أنس منه بلهجة جمعت بين الجدية والرجاء
معنديش غيرك يساعدني في الحوار ده.
أبدى رفيقه استعداده التام لمساعدته بقوله
إنت عارف لو في إيدي حاجة متأخرش عنك.
في غير تشكيك في قدراته امتدحه
ده سهل ولعبتك.
تساءل باهتمام ملحوظ
اشطا الكلام على إيه
ضغط أنس على أصابع يده المتكورة حتى ابيضت مفاصله واستطرد بغيظ بائن في نبرته
في واحدة عملت عليا فيلم خلتني أخد جزا فيه فأنا عايز أربيها وتبقى روحها في إيدي.
سكت رفيقه لبرهة كأنما يفكر في أمر ما ليفصح عن ذلك متسائلا
تحب ناخدها في سكة الآداب
في التو أخبره
يا ريت.
أمسك هاتفه المحمول الموضوع إلى جواره عبث فيه مستطردا بلهجة شبه آمره
هاتلي تفاصيل عنها.
بتحمس مريب أعطاه ما يريد قائلا
ده الأكاونت بتاعها وده كمان رقم موبايلها.
نقل البيانات الأساسية إليه ليضيف بعدها بثقة
عظي
هنجزلك الحوار وأبعتلك النتيجة.
لحظتها شعر أنس بالانتشاء وفرك كفيه معا معلقا بمدح
أنا قولت مافيش غيرك هيظبطني.
ابتسم رفيقه لثنائه عليه فتابع كنوع من التقدير له
الأكل عندي النهاردة.
قبل بعرضه دون جدال
حلو الكلام.
شعر بعدها أنس بتدفق ممتع من الشعور بنشوة الانتصار رغم أن ذلك لم يحدث بعد لكن مجرد التفكير في رد الصاع صاعين لها جعله رائق المزاج للغاية ومنشرح الصدر. نظر في الفراغ مطولا وهو يحادث نفسه في وعيد شامت
استلقي وعدك يا حلوة!!
يتبع الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر
الأخير
تحولت صالة المنزل إلى حيز ضيق بعدما امتلأت بعشرات الصناديق والكراتين المتراصة فوق بعضها البعض. تفاجأت بهاء من كم المنقولات التي اشترتها لها زوجة عمها وخزنتها من أجلها على مدار أعوام ممتدة إلى أن حانت اللحظة التي تنتظرها لم تتوقع قيامها بذلك فوقفت بينهم مدهوشة مصډومة لا تصدق ما تراه عيناها. التفتت ناظرة إليها عندما حادثتها
أنا عملت قايمة بكل حاجة موجودة احنا نراجعها ونشوف الناقص ونشتريه.
ردت في امتنان وقد التمعت في عينيها دمعة خفيفة
تعبتي نفسك يا طنط.
احتضنتها فادية من كتفيها قائلة
إنتي بنتي وبعدين عمك موصيني أجيبلك أحسن حاجة.
انضم إليهما سليمان مردفا في جدية
دي مواعيد الأيام الفاضية في قاعات الأفراح ظبطي الميعاد مع عمر علشان نلحق نحجز.
بدت لبقة إلى حد ما وهي تطلب منه
مالوش لازمة نعمل فرح نخليها حاجة على الضيق
احتجت عليها زوجة عمها باستنكار
واحنا عايزين نفرح بيكي يعني إيه نعمل فرح على الضيق
جاء ردها منطقيا
زيادة تكاليف على الفاضي ولسه ورانا التزامات كتير.
أضاف عمها مؤكدا بحبور
ماتشليش هم حاجة طول ما احنا موجودين.
لولا وجودهما في حياتها لربما عانت الأمرين من شعور الوحدة واليتم لكنهما كانا بمثابة الدعم والسند. ظهر التأثر في نظرتها إليهما لتقوم بعناق مشترك بينهما وهي تهتف
ربنا يخليكم ليا.
محتاجة أصور نفسي كام صورة بالطقم ده.
الرنة المميزة لرسائل هاتفها المحمول جعلتها تتوقف عن الإعجاب بنفسها فالتقطته من على الشاحن لتتفقد فحوى هذه الرسالة المريبة من إحدى صديقاتها قرأتها بلا صوت
أنا شوفت صورك على الموقع ده متركبة على حاجات وحشة خالص شوفي هتتصرفي إزاي.
تجعد أنفها وانزوى ما بين حاجبيها باستغراب لتردد مع نفسها
إيه الرسالة دي
بتهور ضغطت على الرابط الإلكتروني المرفق في الرسالة وملأت بلا اكتراث بيانات التحويل إلى ذلك الموقع المريب لكنها لم تجد مثلما ادعت رسالة صديقتها فقط صفحة بيضاء لا تحوي شيئا لتتفاجأ بعدها بأنها غير قادرة على الولوج إلى حساباتها الشخصية. انقبض صدرها وجلست على حافة الفراش محاولة لعدة مرات استعادة حسابها المفقود لعنت في حنق ودمدمت
حصل إيه للأكاونت بتاعي أنا مش عارفة أدخل عليه ليه
لوهلة ظنت أن ما حدث مجرد عطل عالمي مثلما يتم إخبار الجميع في كل مرة تحدث فيها مثل هذه المشكلات الطارئة ولتتأكد من صحة شكوكها هاتفت إحدى رفيقاتها لتقع صدمة أخرى قاسېة على رأسها بأن الأمور بخير ولا توجد أزمة في وسائل التواصل. ما زاد من توترها وضاعف الهواجس برأسها ورود رسالة أخرى إلى هاتفها تفيد بأنها ستدفع ثمن جرائرها. تصلب كتفاها وصاحت في عصبية
إيه الجنان ده
مررت يدها أعلى شعرها المصفف في توتر وأخذت تعتصر ذهنها عصرا لتفكر في الطريقة الملائمة لاستعادة ما فقدته خاصة مع عدم معرفة أي فرد بالجانب الخفي من شخصيتها المتمردة بجانب وجود بعض الرسائل الشخصية
في مكان آخر وأمام أحد أجهزة الحاسوب الحديثة تولى ذلك الشاب مهمة نقل
متابعة القراءة