رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
وكمان واخدة كيس الژبالة في حضڼي!!
لم تملك رفاهية الوقت لتقوم بتبديل ثيابها بأخرى ملائمة لهذه الزيارة المريبة فقط أسرعت بوضع عباءة زوجة عمها المزركشة على ملابسها المنزلية بجانب تسوية مقدمة رأسها لتبدو مهندمة إلى حد ما. عادت إلى الصالون وهي تحمل الصينية الموضوع بها المشروب البارد قدمته إلى عمر وجلست في مواجهته لتتفاجأ بزوجة عمها تحادثه بأريحية تامة وكأنه يجمعها بها صلة قرابة قديمة. انتظرت أن يخاطبها أو يتحدث إليها بوجه خاص عما جاء من أجله لكنه لم يفعل ظل يماطل في الحديث ويتفرع في سبل الكلام إلى أن أتى عمها فقام الأخير باستقباله بحرارة بعدما صافحه واحتضنه
لم يكن يجامله عندما أخبره بصدق
تسلم يا عم سليمان حضرتك ليك مكانة غالية عند العيلة...
صمت لهنيهة وتابع في أدب
وطبعا بعتذر إني جاي من غير ميعاد.
رد عليه سليمان بعتاب خفيف
ما تقولش كده ده إنت صاحب مكان.
ظلت بهاء تنظر إليه بتمعن والفضول يأكلها لمعرفة أسباب زيارته وازداد ذلك الشعور بداخلها عندما استطرد
حاډثه سليمان متأهبا في جلسته
اتفضل يا ابني اتكلم براحتك.
رأته يمد يده ناحيتها بعلبة صغيرة مصنوعة من الكرتون لم تكن قد لاحظتها سابقا وهو يخاطبها تحديدا
الأول عايز الآنسة بهاء تقبل مني الهدية دي.
للحظة قصف قلبها بقوة من مفاجأته فتخشبت في جلستها وشنت هجوما لفظيا عليه وكأن في كلامه ما يدينها بشدة
بدت زوجة عمها مدهوشة وفضولية في نفس الآن تراقب بعينين تشعان وهجا سعيدا ما يحدث خاصة عندما شرح عمر أسبابه
في آخر تدريب لينا كانت ساعة إيدها اتكسرت بالغلط فأتمنى دي تعجبها يعني هي طبعا مش في قيمة اللي باظت بس ده كنوع من الاعتذار عن اللي حصل.
بوجه متصلب ورافض ردت عليه
أنا مابقبلش العوض.
وماله يا ابني كلك ذوق.
بينما أصرت عليها فادية وهي تسدد لها نظرة ذات مغزى ومبدية في نفس التوقيت انحيازها له
خديها يا بهاء ما تكسفيهوش!
ظلت على اعتراضها مرددة
بس...
قاطعتها زوجة عمها قبل أن تنهي جملتها هاتفة بإصرار
ها أنا قولت إيه عيب ده ضيفنا.
على مضض قبلت الهدية وقالت باقتضاب
ابتسم لها مرددا
العفو...
زفر سريعا وتابع
وتاني حاجة أنا كنت عرفت إنها وصاحبتها مش ناويين يكملوا التدريب للآخر.
هنا أوضحت بهاء السبب الرئيسي وراء ذلك بقولها المتحفز
بصراحة كده احنا اتبهدلنا أوي فيه ومش حمل
ضغوطات تانية.
رد عليها عمر في صوت هادئ محاولا إقناعها بالعدول عن رأيها
الصعب فات وحرام تضيعوا مجهودكم كله كده في غمضة عين بعد ما خلاص حققتوا نتيجة كويسة واللي فاضل مش كتير.
ولا رأي حضرتك إيه
سكت الأخير مترددا ومع هذا نطق في النهاية بدبلوماسية
دي حاجة ترجعلهم.
بطريقة مراوغة حاول التأثير عليه فاستطرد
بس دعمك وتشجيعك إنهم يكملوا هيفرق معاهم جدا لأنها بتسمع كلام حضرتك.
يبدو أن فادية استحسنت ما يقوم به ذلك الضيف اللطيف فاتخذت صفه قائلة
ده إنتي عمرك ما استسلمتي يا بيبو.
نظرت إليها بهاء بغير رضا ومع ذلك تجاهلت عن عمد ما ترمي إليه لتضيف في عبثية محرجة لها
وبعدين هنكسف سيادة الرائد وهو جاي يزورنا أول مرة في بيتنا ده حتى عيبة في حقنا.
ضمت شفتيها بقوة مانعة نفسها من التعليق بما هو غير مستحب لكن ذلك الصوت المستنكر قد راح يردد في عقلها
ناقص يا طنط تنزلي باتنين ليمون وشجرة هي دي أعدة تعارف وأنا معرفش!
ما أنقذها من مواصلة النقاش في هذه المسألة رنين هاتفها المحمول نظرت إلى شاشته بتعجب فقد وردها اتصالا هاتفيا من رفيقتها ميرا كانت لا تزال على دهشتها وهي تردد مع نفسها
دي من زمان ماكلمتنيش طب هي بتتصل ليه دلوقت
لحظتها ومض عقلها بفكرة سريعة لما لا تستغل هذه الفرصة وتنجو من هذا الموقف المحرج برمته لهذا لم تفكر مرتين وقامت واقفة لتقول متصنعة الابتسام
عن إذنكم في مكالمة مهمة لازم أرد عليها.
رمقتها زوجة عمها بهذه النظرة المستهجنة قبل أن تضغط على أسنانها متمتمة في تبرم
وده وقته!
تعللت بحجة اتصالها لتهرب قائلة ومبتسمة بسخافة
معلش هرد عليها وأرجع أوام.
أرادت تجاوز أمسية هذا اليوم العجيب بالابتعاد لبعض الوقت حتى تتمكن من التعامل مع ما يفرض عليها دون تعصب.
مكالمتها معها لم تكن بريئة مائة بالمائة ولا حتى بدافع الصداقة القديمة التي تجمعهما على مدار سنوات بل كانت مجرد مقدمة خفية للتمهيد لشيء طمعت في حدوثه في التو والحال. فهمت بهاء نواياها اللئيمة من عتابها المصطنع
هو أنا لو ما اتكلمتش متسأليش خالص كده
ردت بفتور محسوس في صوتها
ما إنتي عارفة إني مشغولة الفترة دي في الأكاديمية والتدريبات و...
قاطعتها قائلة بتعصب
شوفتي الزفت أنس عمل إيه
اضطرت أن تصمت مرغمة لتصغي إليها وهي تستأنف صياحها
كان مسلط عليا واحد يمثل إنه بيحبني وهو بيشتغلني علشان يعلم عليا.
على عكس المتوقع لم تكن متفاجئة مما حدث فمن الطبيعي أن يحدث بينهما ذلك النوع من المكائد الخبيثة لأنهما كانا ببساطة يستغلان بعضهما البعض انتشرت في تعبيرات وجه بهاء علامات الاستنكار عندما هدرت بانفعال
أنا عاوزة أنتقم منه.
وكأنها لم تسمع جملتها الأخيرة من الأساس فسألتها في برود
طيب وأنا مالي
كان صوت ميرا أقرب للصړاخ وهي تخبرها
ما إنتي معاه في الأكاديمية بتاعتك دي اتصرفي وخديلي حقي منه.
زفرت بهاء الهواء ببطء لترد عليها بنبرة هادئة
بصي يا ميرا مشاكلك حليها بنفسك أنا ماليش دعوة.
في التو تحولت نبرتها للوم عندما صاحت
هي بقت كده يا بيبو مش إنتي صاحبتي الأنتيم والمفروض تقفي جمبي لما أحتاجك
أجابتها مؤكدة
أيوه وعندي استعداد أعمل أي حاجة علشانك إلا إني أتورط في حوار تاني يخص علاقاتك كفاية أوي المرة اللي فاتت.
لم تخل نبرتها من العصبية المفرطة وهي تنهي معها المكالمة
ماشي يا بيبو ابقي افتكريها.
توقعت أن تثور عليها لرفضها تلبية رغباتها ولم تكن نادمة على قرارها بعدم التورط فيما لا يخصها. تنهدت مليا وقالت بملامح ممتعضة
ما
كفاية المرة الأولى هو أنا خلصت من توابعها أصلا!
حينما عادت إلى غرفة الصالون لم تجد الضيف بالحجرة فظنت أنه ربما خرج مع عمها للشرفة لاستنشاق الهواء ورؤية المنظر من الأعلى لكنها لم تجد أيا منهما فخرجت منها متجهة إلى المطبخ حيث تتواجد زوجة عمها وسألتها دون مقدمات
هو راح فين
في عبوس بائن على قسماتها أجابتها
استأذن ومشى.
هزت رأسها متمتمة بغير مبالاة
كويس.
اغتاظت فادية من برودها المسيطر عليها فوبختها
تعرفي إنك كنتي قليلة الذوق أوي معاه.
ضيقت عيناها باسترابة وتشكك فأسلوبها لم يكن مريحا وتساءلت
والمفروض أتعامل إزاي
بتحيز واضح أخبرتها
ده شكله حلو وابن ناس ومحترم ليه ياخد عنك فكرة إنك غلسة
أعطتها نظرة مفادها أنها لا تشعر بالارتياح لاستمرارها في التطرق لسيرته وعبرت عن ذلك بقولها
حضرتك مش ملاحظة إنك ما بطلتيش كلام عنه!
لم تخف نواياها الحسنة عنها فأفصحت في صراحة
أصله الصراحة فرصة حلوة لأي بنت إنها ترتبط بيه هو مش متجوز صح أنا بصيت في إيده ما شوفتش أي دبل.
في أغلب الظن كانت زوجة عمها تحاول التمهيد لخلق رابط من التجاذب بينهما
متابعة القراءة