رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

من فورها دفة الكلام وأخبرتها بحماس غريب
شدوا مع بعض كان ناقص بس يحدفوا بعض بالطوب بالعافية لما بيبو مسكت نفسها.
كانت ميرا هادئة الملامح تتحدث بغير مبالاة عندما استطردت
وإيه اللي جابركم على كده شوفوا مكان تاني غير ده لو عايزين كورسات وتدريبات
وأنا من رأيي مافيش داعي تضيعوا وقت في الهيافات دي الأفضل تشوفوا شغلانة مناسبة.
ظلت بهاء صامتة تسمع ما يقال دون تعقيب إلى أن نطقت أخيرا
لأ مش هيحصل أنا مش جبانة علشان أنسحب في أول المشوار وبعدين دي كرامتي يا ميرا.
سألتها الأخيرة بتعجب
هي حرب
ضغطت على شفتيها قليلا لتردف بعدها
ممكن تعتبريها كده.
في شيء من الفضول تساءلت بسنت وهي تغمز بعينها لرفيقتها
صحيح يا ميرو مين ده اللي بيعملك قلوب على كل بوستاتك
أطلقت ضحكة صاخبة تنم عن سرور ورضا لتجيبها في نشوة
الجو الجديد.
تدلى فك بسنت للأسفل في صدمة وتساءلت باندهاش
معقولة لحقتي تعملي  من علاقتك مع أنس
أجابتها بلمحة من الغطرسة
أكيد مش هفضل أبكي على الأطلال كتير دي صفحة واتقفلت.
هتفت في ذهول
معقولة بالبساطة دي
قالت مؤكدة
طبعا أنا اعتبرته كلب وراح. 
لحظتها صاحت بهاء في استنكار جلي
أنا لو حد عمل فيا زي ما اتعمل فيكي كده هفضل بتاع سنتين تلاتة ماثقش في ولا راجل مش أشبك مع واحد تاني في أقل من شهر.
ضحكت ميرا في مرح وردت
أنا غيرك يا بيبو مافيش مكان للنكد في حياتي.
لم تتوقع بهاء أن تتصرف صديقتها بهذا النوع من الخسة فسألتها لتتأكد من ذلك الشك الذي يساورها بقوة
ميرا هو إنتي كنتي بتحبيه ولا بتتسلي
للغرابة لم تنكر ذلك وأكدت في عنجهية
تقدري تقولي بجرب نفسي معاه لو ولفنا على بعض كنا هنكمل سوا لو لأ يبقى خلاص  ..
اشټعل وجه بهاء في التو فما شهدته قبل سابق كان ينم عن العكس تماما أحست بالغباء وهتفت توبخها
بس إنتي مافهمتناش كده!
ردت عليها بلوم
أنا متوقعتش إنك تتصرفي بالغباوة دي...
ثم شبكت ساعديها أمام صدرها وتابعت بأنف مرفوع للأعلى في إباء
وبعدين اللي يوجع أي راجل إنك تعرفي عليه الأحسن منه وأنا عملت كده لاقيت المنافس ليه وشبكت معاه.
لم تتحمل بهاء سخافة لغوها فهبت واقفة لتقول بذهول ممزوج بالاستهجان
بجد أنا مصډومة مش لاقية كلام أرد بيه عليكي.
ابتسمت ميرا في استرخاء واضح لم تكن مبالية إطلاقا بحالة الضيق الظاهرة على رفيقتها ولم تعبأ حتى بالتبرير أو الاعتذار لرفيقتها فما كان من بهاء إلا أن سحبت حقيبتها وطرحت على كتفها لتندفع بعيدا عن جمعهن. هتفت بسنت تناديها بقلق
بهاء! إنتي رايحة فين
لم تستدر نحوها وردت بصوت مخټنق نسبيا
تعبانة محتاجة أرتاح.
أسرعت في خطاها لتتجاوز محيط المكان بدت لحظتها وكأن دلوا من الماء المثلج قد ألقي فوق رأسها فجعل كامل جسدها يتصلب استفاقت بعد فوات الأوان من غيبوبة تحيزها الأعمى لتدرك أنها وقعت في فخ التعصب وجعلت من نفسها أضحوكة ناهيك عن خلق عداوات من لا شيء مع غيرها. غادرت بهاء المكان وهي تعاتب نفسها بشدة 
أنا إيه اللي عملته ده!!
يتبع الفصل الرابع
الفصل الرابع
تأرجحت مشاعرها ما بين الضيق والندم فأمضت ليلتها ساهدة فاقدة للرغبة في النوم تفكر بعمق فيما ارتكبته من أخطاء جراء اندفاعها غير المدروس للاڼتقام من أحدهم بعدما تم شحنها ضده لتصدمها حقيقة قاسېة أن الأمر في النهاية يعود للتسلية البحتة لا لتبادل المشاعر الصادقة.
لم تدع التردد يسيطر عليها وحسمت أمرها بإبداء اعتذارها عن تصرفها الخاطئ مع عمر فهي من تعاملت معه بجهل ورعونة ووضعته في موقف حرج تعرض فيه للسخرية والازدراء من الآخرين 
بالطبع عجزت مساحيق التجميل عن إخفاء آثار قلة النوم الظاهرة عليها فاختبأت خلف نظارتها الشمسية على أمل ألا يلاحظ ضيف ليلتها السابقة ما حل بها. التقت بها بسنت عند مدخل عمارتها على حسب الميعاد المتفق عليه بينهما تأملتها بإمعان بعدما جلست مجاورة لها 
في شيء من التوتر اشتدت قسماتها وأجابت على سؤالها بسؤال آخر
قصدك مين
غمزت لها باسمة
الظابط إياه اللي علمتي عليه.
أطرقت بهاء رأسها في تحرج لتخبرها بعدئذ وهي تشد طرفي سترتها للأسفل لتفرد قماشتها
معاكي حق حتى علشان تسلمي من أذاه.
دون تفكير أعلمتها بما انتوت عليه
أيوه بفكر أعمل كده وأوضحله سوء التفاهم ده وأقوله إني مش هعمل شكوى من الأساس يعني أريح دماغي من المشاكل اللي مالهاش لازمة.
أثنت على قرارها الصائب مرددة في نبرة متحمسة
برافو عليكي أنا مبسوطة منك يا بيبو.
ابتسمت قليلا لتبدد ذلك الوجوم الذي يشيع في ملامحها قبل أن تقول
صاحبتك جدعة في الحق حق ولما بغلط باعترف بده.
أبدت إعجابها الشديد بشخصيتها المتسامحة وهتفت تمتدحها
أومال أنا بحبك أوي ليه!
انتقلت الاثنتان بعدئذ للحديث عن مواضيع شتى متنوعة لم تخل بالطبع من التطرق في معظم الأحيان إلى ما قامت به ميرا مؤخرا من تصرفات مزعجة لكليهما ريثما تصلا إلى الأكاديمية.
إلى هناك وقرأت اللوحة المعلقة على الحائط لتعرف المتاح الذي يمكنها ابتياعه اشترت بهاء كوبا من القهوة لنفسها ومشروبا باردا لصديقتها وسارت الاثنتان معا تتحدثان في أمور عامة كانت مستغرقة في كلامها ولم تنتبه لقدم أحدهم الممتدة لعرقلتها عن قصد.
تعثرت بهاء في مشيتها وكردة فعل تلقائية دفعت كوب قهوتها للأعلى فانفلت من قبضة يدها وانزلق على ثيابها الكلاسيكية ملطخا قميصها الأبيض ببقع بنية وكذلك سروالها القماشي قبل أن يسقط أرضا وتتناثر بقاياه في محيط المكان. انتفضت من سخونة القهوة التي لامست جسدها ناهيك عن فزعها من سوء مظهرها وهتفت مستنكرة الأمر برمته
مش معقول كده!!
تطلعت إليه متأملة هيئته الممازحة رغم ارتدائه لثياب عسكرية من المفترض أن تضعه في موقف الالتزام والمسئولية لكنه كان على العكس تماما فاحتقن وجهها ولامته في حدة وهي تبعد القماش الملطخ عن جسدها لئلا يلتصق بجلدها فيلهبه أكثر
حضرتك مش لازم تمد رجلك 7 متر قدام علشان ترتاح في أعدتك!
تفاجأت به يهاجمها لفظيا
وليه ما تقوليش إنك ماشية مش باصة قدامك
وقفت بسنت بينهما كالمشاهد الصامت تتابع ما يدور بينهما من شد وجذب في ترقب قلق في 
أفندم يعني بدل ما تعتذر!
جاء رد ذلك الغريب صاډما للغاية
الرك على اللي بدأ الأول.
شعرت من عبارته الموحية بأنه يشير إلى شيء معين مشابه لنفس التجربة التي قامت بها قبل سابق مع عمر لإهانته فاستطردت تخاطبه لتتأكد من هذا الهاجس الذي ناوشها
مش فاهمة!
نظر في عينيها وهو يخاطبها بغموض ممزوج بالسخرية
وبيقولوا عليكي ناصحة الظاهر إنك طلعتي أي كلام.
ثم أشار لها بيده لتتحرك جانبا قبل أن يأمرها
شوية كده علشان مش فاضي.
فرغت فاهها مذهولة من الموقف برمته وتبادلت مع رفيقتها الصامتة نظرات مشدوهة أتبعها 
هو ده طبيعي
خفضت بسنت من عينيها لتمسك بحقيبتها وهي ترد
مش عارفة..
حركت السحاب وأضافت
وهي تفتش بتعجل بداخل الحقيبة عن شيء بعينه
ثواني أنا معايا مناديل  وآ...
صوت هذا الغريب المرتفع أجبر كلتيهما على الالتفاف نحوه لتحل عليهما صدمة أخرى أكبر وقد أبصرتا أنس يضحك باستمتاع
باشا أي خدمة.
سرعان ما توهجت بشړة وجه بهاء بحمرتها الغاضبة سددت له نظرة ڼارية وصاحت في زفير محموم
هي بقت كده!!
لوح لها أنس بيده من موضع وقوفه ليستفزها أكثر ثم غادر مع ذلك الغريب لتثور دمائها أكثر أمسكت بها بسنت من ذراعها لتثبتها في
تم نسخ الرابط