رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
ومن حقنا ما نسكتش عنه.
تحير الضابط في شأنها وحاول التعامل مع عنادها بالحكمة وضبط النفس لإقناعها بالعدول عن قرارها فطلب منها بنفس الصوت الهادئ
تقدري تقولي كل الكلام ده في التحقيق يا أستاذة ولو صاحبة حق أكيد هيرجعلك.
توسلت بسنت إلى رفيقتها لتتراجع عن رأيها هامسة
بلاش معاندة يا بيبو الموضوع شكله جد مش هزار وخلينا نقول اللي حصل احنا كده كده مضطرين نروح معاهم.
ماشي علشان خاطرك بس.
ابتسمت لها في امتنان لتتحرك الاثنتان بعدئذ في الطريق المؤدي إلى ذلك المبنى وبهاء تحاول جاهدة التحامل على نفسها وعدم إظهار تألمها من إصابة قدمها الموجعة لهذا كانت تعرج قليلا في خطواتها. التقطت عيناها وهي تسير تلك الكاميرات المعلقة في كل زاوية فتيقنت أن دليل براءتها لابد أن يكون مسجلا بالكامل.
بضعة درجات رخامية صعدتها على مهل حينما بلغت هذا المبنى وهي مستندة على ذراع رفيقتها نظرة خاطفة طافت بها على هيئة المبنى الخارجية كان مكونا من عدة طوابق ومطليا باللون البيج الفاقع مما أوحى لها أنه تم طلائه حديثا وعندما ولجت إلى بهو الاستقبال وجدته مرتبا ومنظما للغاية وفي كل ركن وضع أصيص من الزرع لإضفاء بعض الخضرة على المكان أما في جهة اليمين وجد مكتبا رخاميا للاستعلام وفي مواجهته تناثرت عدة مقاعد معدنية مخصصة للانتظار.
هو هيحصل فينا إيه
ولا حاجة احنا مش طرف في المشكلة دي من الأساس.
ومع ذلك استمرت صديقتها تنوح في ندم
أنا حاسة إني عملت غلطة عمري لما اشتركت في الكورس ده كان فين مخي وأنا بوافق عليه
سئمت من تبرمها المزعج لذا نفخت في صبر نافد وأخبرتها بخفوت
بلاش ندب وإهدي.
لم تكف عن الشكوى فزادت في تحسر
ڼهرتها مجددا في ضيق
اسكتي يا بسنت خليني أعرف أفكر.
بعدئذ خفضت بهاء من ذراعها لتتحسس موضع الألم في قصبة ساقها كانت بحاجة لوضع أي مادة مسكنة عليها وإلا لمنعها الۏجع القاسې من التحرك بسهولة فيما بعد.
نفضة قوية نالت من جسد بسنت عندما جاء الضابط إليهما مرة ثانية ليقول
نهضت بهاء
أولا لتلحق بها بسنت وهي تهمس في توتر مشوب بالخۏف
استرها معانا يا رب ده احنا ولايا ومكسورين الجناح!
مستخدما خاصية إعادة البث راجع عمر ما سجلته كاميرات المراقبة قبل أن يقوم بالحديث إليهما كذلك لم يكن بحاجة للاستفسار منهما عما صار أثناء اندلاع المشاجرة فقد أدلى الشباب باعترافاتهم والتي خلت تماما من وجود أي صلة لهما بمشاحنتهم المتعصبة وبالتالي استدعائهما إلى مكتبه كان بغرض الدردشة والنصيحة فقط. لم ينكر أنه شعر بالانزعاج حينما لاحظ في الفيديو أن بهاء تعرضت للإصابة في ساقها فأراد الاطمئنان عليها لكنها لم تمهله كانت مندفعة كعادتها في كل مواجهة أو مشادة كلامية تحدث بينهما حيث تكلمت في نبرة هجومية
إنتو ماسكينا ليه احنا مالناش دعوة بحد.
نظر إليها مليا ليردف قائلا في صيغة آمرة
ولا كلمة لو سمحتي!
من تلقاء نفسها هتفت بسنت
والله ما عملنا حاجة احنا كنا بنتفرج بس.
ظلت بهاء مصرة على موقفها قائلة
من حقنا ندافع عن نفسنا طالما مش غلطانين.
انتصب في جلسته آمرا إياها مجددا وبلهجته الصارمة
اسكتي شوية.
صمتت للحظة لتثبط من انفعالاتها وتابعت بملامح جادة للغاية
شوف يا سيادة الرائد في كاميرات في المنطقة أكيد مسجلة كل حاجة حصلت راجعها وحضرتك هتتأكد بنفسك إننا مش غلطانين.
رمقها بنظرة غامضة قبل أن يستطرد معقبا
وليه من الأول تحطوا نفسكم في موضع شبهات!!
هنا تكلمت بسنت من نفسها مغمغمة في نقم
نصيبنا وبختنا.
بينما علقت بهاء في شيء من المنطقية
وارد ده يحصل في أي مكان احنا مش مطلعين على الغيب.
ادعى عمر انشغاله بالعبث ببعض الأوراق ثم أرجع ظهره للخلف منهيا ذلك الجدال
المرادي أنا مخلي التحقيق ودي بس لو ده اتكرر ماضمنش تكون النتيجة إيه!
حينها فقط شعرت بسنت بالراحة تغمرها وشكرته بامتنان كبير
كتر خيرك يا باشا ده العشم برضوه.
على عكسها بدت بهاء مزعوجة من انحيازه الغريب ضدهما وسددت له نظرة مليئة باللوم ليتجاهلها هاتفا بلا تعبير مقروء
تقدروا تتفضلوا.
في غير تصديق مالت بسنت على رفيقتها تسألها وكأن النجدة قد أتتها من السماء
هنمشي
أجابت عليها باقتضاب عابس
أيوه.
بدا من العسير عليها استيعاب خروجهما من هذا المأزق العويص بهذه البساطة ودون عقاپ فكررت بسنت سؤالها بصيغة أخرى
احنا براءة كده صح
وقتئذ جذبتها بهاء من ذراعها للخلف لتدفعها نحو باب الغرفة وهي تخاطبها بصوت لم تجرؤ على جعله مرتفعا لكنه كان لا يزال حانقا
قولتلك أه بينا بسرعة قبل ما يغير رأيه ده أصله بحالات!
....................................................
تفاقم الألم في قصبة ساقها فكانت تعرج بشكل ملحوظ أثناء سيرها نحو الخيمات لتقوم بتبديل ثيابها الواقية بذلك الزي الرياضي الذي ارتدته في وقت سابق بعدما أعطى عمر أوامره بإنهاء التدريب لهذا اليوم. كانت بحاجة للاغتسال لكن لا سبيل لذلك لهذا اكتفت باستخدام المناديل المبللة لتنظيف وجهها وكتفيها ويديها. شاركتها بسنت نفس الخيمة بعدما انتهت رفيقتها من تغيير ملابسها فرأت أثناء محاولة بهاء لارتداء جواربها كيف ظهر التورم بوضوح عليها فانتابها القلق واستطردت تحادثها في جدية
ياني دي شكلها صعب أوي لازم تعالجي الخبطة دي بدل ما تقلب بمشكلة كبيرة.
تحسست بحذر إصابتها وردت وهي تثني طرف الجورب لئلا يمس موضع الألم
هعمل كده نخرج بس من هنا الأول وهروح لدكتور عظام يكشفلي عليها.
أخذت بسنت تشتكي في سخط
من يوم ما دخلنا التدريب ده واحنا عملنا اشتراك مفتوح مع الدكاترة اللي نعرفها واللي ما نعرفهاش.
أومأت برأسها مرددة وهي شبه تمزح
على رأيك يا خۏفي على نهايته نتشال على المحفة.
مشطت في عجالة شعرها المتناثر وقالت وهي تفتش عن باقي أغراضها الملقاة هنا وهناك لتجمعها
يعملوها فعلا هو
في حاجة مضمونة معاهم ده احنا كنا هنروح في داهية من ولا شيء.
ألقت بهاء بحقيبتها على كتفها بعدما أغلقتها
بس المفروض كان يعتذر لأنه ظلمنا وجه علينا.
نظرت إليها بسنت بجدية قبل أن تهتف
كويس إنه سابنا نمشي أصلا الحاجات دي مافيهاش هزار!
باعدت نظرتها المزعوجة عنها وهمهمت مع نفسها بلا صوت
الحمد لله إني مردتش عليه في رسالته كان زمانه ممروع عليا يستاهل إني مسألش فيه!!
لاحقا اجتمع كافة المشاركين في التدريب في المنطقة المخصصة لانتظار الحافلات ليتمكنوا من العودة إلى الأكاديمية. استندت بهاء على ذراع رفيقتها لتتمكن من الصعود حيث تم ترك المقاعد الأولى للشابات للجلوس عليها بالطبع لم تسلم من الأسئلة الفضولية والمتطفلة لمعرفة تفاصيل ما جرى في التحقيق عقب الإمساك بكل من تورط في المشاجرة. اقتضبت بهاء في الرد عليهن ومالت على رفيقتها تهمس
متابعة القراءة