رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
يقول إيه مكونتش أتخيل إنها كده ده احنا عشرة عمر معاها.
ثم انتقلت لسؤالها في حذر
صحيح إنتي قريتي اللي على الجروبات
بعد زفرة سريعة اقتضبت في الرد
أيوه.
حاولت التهوين عليها بإخبارها
أنا عرفت إن القائد مش هيفوت اللي حصل على خير.
قالت بعبوس
والمفروض أتبسط وأبقى بكده خدت حقي
علقت عليها في الحال
مقصدش بس احنا نقول الحمد لله إن ده حصل في آخر يوم وأنه آ...
وإلا كانوا عايروني للصبح مش ده اللي عايزة تقوليه
ردت عليها بنبرة شبه مهتزة
مش كده بس يعني...
قاطعتها في حدة
مش محتاجة تبرري يا بسنت أنا مش هسكت عن حقي.
رجتها في خيفة
طب إهدي وخلينا نتكلم تاني لما تروقي شوية.
بقى يطلع منك كل ده يا ميرا
آنئذ زكم أنفها الرائحة الغريبة للغاز المتسرب من سخانها فانتابها القلق وتساءلت وهي تفتش عن مكان انبعاثه به
ده جاي منين
كحركة تلقائية اتجهت نحو نافذة الحمام لتفتحها لتقوم بتهوية المكان من الرائحة الخانقة لكنها لم تنتبه للأرض الزلقة التي تناثرت بها فقاقيع صابون سائل الاستحمام فانزلقت قدمها ولم تتمكن من الحفاظ على اتزانها لتسقط أرضا صاړخة بفزع ورأسها قد ارتطم بحافة الحوض الغليظة ففقدت وعيها في الحال.
لم يكن عمر بحاجة لسؤال أحدهم عن منزل عمها صعد إليه بسهولة وفي وقت وجيز ليقرع الجرس بعدها منتظرا بتأهب قيامها بفتحه تذكر المرة اليتيمة التي رآها فيها هنا وكانت تحمل في يدها كيس القمامة معتقدة أنه حارس البناية وقد جاء لأخذه منها. ابتسم بشكل عفوي وردد في مرح مع نفسه وبلا صوت
تصلب في وقفته عندما فتحت فادية الباب لتجده قبالتها طالعته بنظرة مدهوشة قبل أن تحرك شفتيها لتلاحقه بأسئلتها وهذا التعبير المدهوش يحتل كامل وجهها
سيادة الرائد خير جاي عندنا ليه في حاجة حصلت
استقبل اندهاشها بهدوء فسألها بأدب
عم سليمان موجود
أجابته بحاجبين معقودين
لأ بس هو في الطريق.
طب بهاء .. آ.. قصدي الآنسة بهاء موجودة
هزت رأسها قائلة وهي تشير بإصبعها للأمام
أيوه بس في شقتها!
تلقائيا اتجه برأسه إلى حيث أشارت مرددا في استغراب
شقتها
أوضحت له بابتسامة عريضة
هي ساكنة قصادنا يعني معظم الوقت معانا بس ساعات بتفضل في بيتها لو هي مضايقة ولا مخڼوقة ولا حاجة شاغلة دماغها.
في التو رجح سبب عزلتها الحالية هو ما تعرضت له من موقف محرج فطلب منها برجاء محسوس في نبرته
طب أنا عايز أتكلم معاها ضروري في مسألة مهمة.
فسرت فادية اهتمامه بشأنها بشيء آخر تحبذ تمام حدوثه في المستقبل القريب لهذا لم تمانع على الإطلاق طلبه وحركت رأسها هاتفة بحماس
حاضر.
اتجهت ناحية باب منزلها لتدق عليه ويدها الأخرى تقرع الجرس قبل أن تصيح في صوت مرتفع
بهاء افتحي يا حبيبتي.
لم تتلق أي استجابة منها فتصنعت الضحك واستدارت برأسها نصف استدارة لتتحجج له
أصلها كانت جاية تعبانة فاحتمال تكون نامت ومش سامعة الباب.
حملق فيها بنظرة مستريبة فأضافت وهي تستخدم يدها في الإشارة
أنا عندي المفتاح بتاع شقتها استنى هجيبه من الدرج وأرجعلك.
قال مومئا برأسه
يا ريت.
انتظر ذهابها ليبدأ في الطرق على الباب مناديا
آنسة بهاء لو سمحتي افتحي.
تريث للحظات وهو يتساءل مع نفسه
مش معقولة مطنشاني!
راوده هاجس مزعج باحتمالية اعتقادها في تورطه في هذا المقلب السخيف فانتفضت أوصاله وراح يدق على الباب مكملا ندائه القلق
آنسة بهاء من فضلك افتحي لازم أكلمك وأفهمك اللي حصل.
عادت إليه فادية وهي ترسم على ثغرها تلك الابتسامة السخيفة تعللت مجددا بمزيد من الأعذار
ممكن تكون نايمة ما هي بتتعب معاكو على الآخر.
أخبرها بجدية
احنا خلصنا تدريب.
شعرت بالحرج الطفيف من توضيحه وقالت
على البركة يا رب.
قامت فادية بفتح الباب في تلكؤ وهي تستمر في مخاطبته بودية كأنما تسترسل في محاسنها
تعرف يا سيادة الرائد ولا ليك عليا حلفان بهاء دي متربية على إيدي تربية زمان المحترمة حاجة معدتش في منها دلوقت.
رد من خلفها
ما أنا عارف.
ضحكت بتكلف قبل أن تقول
أصيل ..
ثم تنهدت رافعة بصرها للسماء وهي تدعو المولى في سريرتها
يا رب يبختلك معاه يا بيبو.
ما إن ولجت إلى الداخل حتى اشتمت تلك الرائحة المكتومة تحرجت من إهمال بهاء لتهوية منزلها جيدا وقالت وهي تشير بيدها ليجلس
اتفضل استناها هنا وأنا هخش أشوفها جوا.
سار تجاه أقرب أريكة مرددا في طاعة وعيناه تتابعان حركتها
تمام.
التقط أنفه نفس الرائحة الغريبة لكنه على عكس مضيفته استطاع أن يتبين ماهيتها فهب واقفا ليقول بتوجس وهو يطوف ببصره في الأرجاء
في ريحة غاز في المكان!
بلا استئذان اتجه نحو النافذة الموجودة بصالة المنزل ليقوم بفتحها أولا قبل أن يبحث عن مصدر هذه الرائحة النفاذة. تسمر في مكانه مڤزوعا عندما سمع صوت فادية ېصرخ مستغيثا
يا نصيبتي بهاء!
في التو اندفع نحو
الداخل ليجدها تستنجد به رغم السعال الذي أصابها فجأة
الحقني يا سيادة الرائد.
أرشدته إلى الحمام فانخفضت عيناه على الأرضية ليجد بهاء راقدة عليها بلا حراك انقبض قلبه في ذعر كبير وقال مطمئنا إياها إن لم يكن نفسه أولا
إن شاءالله هتبقى كويسة.
لف ساعده حول أنفه ليمنع رائحة الغاز من اقټحام رئتيه وأمرها في صوت جاد
في تسريب غاز في الشقة اقفلي المحبس لو في المطبخ واطلبي طوارئ الغاز أوام.
هزت رأسها هاتفة في طاعة
حاضر.
انطلق صوبها متخذا حذره في خطواته على الأرضية الزلقة التي أصبحت غارقة في المياه سعل رغما عنه من الرائحة الخانقة ومد إصبعيه ليتحسس النبض في عرق رقبتها أحس بقدر من الارتياح لكونه لا يزال يشعر بنبضها ثم ألقى نظرة تفقدية سريعة عليها ليجد بقعة من الډماء المتجلطة عند مؤخرة عنقها. قڈف قلبه في ارتياع أكبر وجاهد ليبدو هادئا قادرا على التعامل بحنكة مع أزمتها. في التو مرر ذراعيه أسفل جسدها ليحملها نحو الخارج ونظراته القلقة تطوف على وجهها الساكن.
ضمھا إلى صدره وهو يخشى من أعمق أعماقه احتمالية فقدانها اندفع بخطواته المتعجلة إلى خارج شقتها ليشرح في عجالة للجيران الذين تجمعوا سبب المشكلة الخطېرة وكيفية التعامل معها بشكل أولي ريثما تأتي النجدة لإنقاذهم.
تولى المسئول عن إدارة شئون البناية متابعة الأمر في حين هبط عمر الدرجات وهو يحملها متجها بها إلى سيارته لتتبعه فادية وهي تضع الهاتف على أذنها لتتصل بزوجها لتعلمه بالأمر.
استخدم عمر يده بصعوبة في فتح الباب الخلفي لسيارته وأمر فادية بالجلوس أولا قبل أن يريح جسد بهاء عليها ليطلب منها بعد ذلك في
متابعة القراءة