رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
في بقعة مكنتهما من رؤيتهما بوضوح. هاجم أنس أولا واستخدم ذراعيه تارة وقدميه تارة أخرى من أجل السيطرة على خصمه وهزيمته بينما تمكن عمر من صد كل محاولاته لإسقاطه أرضا ليتولى بعدئذ مهمة الھجوم عليه لم يتساهل مطلقا معه وأذاقه من الركلات واللكمات ما أفسد مظهر وجهه وما سيترك آثار الكدمات على جسده لعدة أيام لتنتهي الجولة بعد عدة دقائق بهزيمة أنس وحسم المكسب لصالح عمر.
والله يستاهل.
أضافت عليها بهاء في سرور
علشان يبطل يضايقنا.
ظهرت ابتسامة بسنت العريضة وهي تكمل
إن شاء الله يفضل راقد في السرير لحد ما نخلص التدريب ده.
التقت عينا بهاء بنظرة أنس الڼارية المتوعدة فأشاحت ببصرها بعيدا لتقول وهي تدير ظهرها إليه
شوفي بيبصلنا إزاي ھيموت طبعا مننا.
تعالي بعيد عنه أحسن بدل ما يفش غله فينا.
تناثر الجميع وافترقوا في هيئة مجموعات صغيرة كانت معظمها ملتفة حول عمر خاصة من الشابات حيث بدا لهن كفارس الأحلام المغوار أحست بهاء بشيء من الغيرة تناوشها داخليا وهي ترى غيرها يثنين على أدائه البدني الفائق لم تدرك أنها أصبحت عابسة الملامح تقريبا لتنتبه لهذا وصديقتها تسألها
ادعت الابتسام نافية
لأ عادي...
ثم تابعت بنزق
مش المفروض نشكر الرائد عمر على مساعدته لينا
هزت بسنت رأسها موافقة بلا تردد
أيوه واجب.
سارت كلتاهما تجاهه انتظرتا لعدة لحظات ريثما يصبح بمفرده لتبادر بهاء بالحديث إليه في أدب
سيادة الرائد ممكن كلمة
تقدم ناحيتهما ليصبح معهما فقط ليستطرد قائلا بابتسامة صغيرة لبقة
أجلت بهاء أحبال صوتها متمتمة
شكرا على كل اللي عملته علشانا.
قال مومئا برأسه
ده واجبي.
نظرت إليه بتمعن لتشعر بهذه النغزة اللطيفة في أوتار فؤادها وكأنه يعزف معزوفة راقية عليه بكلماته وهو يخاطبها
أنا زي ما وعدتك قبل كده مش هسمح بحاجة تضايقك في اللي فاضل من التدريب.
خفقان قلبها تضاعف مع صدق عباراته فتلبكت قليلا وهي ترد بحرج طفيف
سألها بمكر وهو يراقب ردة فعلها عن كثب
شغالة الساعة معاكي مش كده
عفويا نظرت إليها واحتضنتها بيدها الأخرى لتشعر بسخونة غريبة تنبعث من وجنتيها وكأن عروقها قد فاضت بالډماء الدافئة فجأة سرعان ما خفضت بصرها في خجل لتتجنب تحديقه قبل أن ترد بتلعثم محسوس في نبرتها
آ.. أيوه تسلم عليها...
لتتهرب من حصار نظراته المتابعة لها جذبت رفيقتها من ذراعها قائلة بتعجل وارتباك
تولت بسنت عنها مهمة الاستئذان بعد التزامها الصمت لوقت طويل فأردفت
عن إذنك.
وكأنها أطلقت ساقيها للرياح اندفعت بعيدا عن محيطه ورفيقتها تحاول مجاراة خطواتها لتعلق في عبثية وهذه الابتسامة
الفرحة تصدح على شفتيها
واخدة بالك من اللي أنا واخدة بالي منه
ادعت جهلها مرددة بتوتر خجل
قصدك إيه
ضحكت في تسلية قبل أن تقول بنفس الأسلوب المشاكس
شكل الصنارة غمزت.
نفت في التو ما تسعى صديقتها لتأكيده
دي تهيؤات.
استمرت بسنت على ضحكها المستمتع قائلة بعدها بحبور
ما هي بتبتدي كده!
سرى المزيد من الخجل بدمائها فكان كفيلا للحفاظ على سخونة وجنتيها وانعكاس الحمرة بهما ومع هذا ظلت تراوغ وتدور حول ما فاهت به رفيقتها لتلهيها عن ذكر هذه المسألة مجددا.
فيما بعد تجاذبت الاثنتان حديثا روتينيا بينهما خلال استعدادهما لمغادرة الأكاديمية بعد انقضاء التدريب في الصالة الرياضية أثناء سيرها البطيء استطردت بهاء في نوع من الشكوى
احنا محتاجين باسط عضلات بعد كل الفرهدة دي.
ردت بسنت بتذمر ساخر
وده هينفع معانا احنا نفسنا اتقطع.
استوقفهما في منتصف الطريق الصوت المنادي
يا آنسات!
التفتت بهاء ناظرة خلفها وهي تتمتم
استر يا رب.
رأت كلتاهما ما يحمل في يديه من زجاجات مشروب مثلجة قدمها لهما قائلا بلباقة
اتفضلوا حاجة ساقعة تعوضوا بيها الطاقة اللي خسړتوها.
بلا تفكير اختطفته بسنت من يده قائلة في مديح
والله إنت بتفهم.
نظر لها بتعجب فصححت من زلة لسانها مبتسمة ببلاهة
قصدي عندك ذوق.
كان حلو اللسان رغم صرامة ملامحه حيث تبسم لها قائلا
ألف هنا.
تحدثت إليه بهاء قائلة بامتنان بعدما أخذت خاصتها
شكرا ليك.
في نفس الأسلوب المهتم سألهما
معاكو عربية توصلكم ولا لأ
ابتلعت بسنت ما في جوفها بتعجل لتجيبه
أه أنا جاية بعربيتي.
استحسنت ذلك معلقا بإيجاز
كويس.
وكأنه يبحث عن وسيلة لإطالة الحديث معهما فسألهما في شيء من الفضول
سمعتوا عن اليوم الترفيهي تحبوا تشتركوا فيه
تبادلت الاثنتان نظرات حائرة لتبادر بهاء في الاستفهام منه
يوم ترفيهي بتاع إيه
في حين علقت بسنت بتهكم وهي تدلك ذراعها
هو إنتو أصلا ليكم في الترفيه أشك!!
كان لا يزال محافظا على ابتسامته الودودة وهو يخبرهما
أه طبعا احتفاليتنا كل 3 شهور.
في نبرة ممازحة سألته بهاء وحاجبها مرفوع للأعلى
ودي بتعملوا فيها إيه بتخلصوا على بعض!!
ضحك أولا قبل أن يوضح لها سوء الفهم لديها
مش للدرجادي احنا بنقضي وقت لطيف سوا كأننا عيلة واحدة وفي كل مرة بنختار مكان جديد نتجمع فيه القادة والأساتذة مع الطلبة.
سكتت كلتاهما ولم تتمكنا من منحه الرد المباشر ليخاطبهما في رجاء
أتمنى أشوفكم فيه.
جاء رد بهاء دبلوماسيا إلى حد ما
إن شاء الله هنفكر في الحكاية دي.
هز رأسه بتفهم ليقول بعدها
تمام هستأذنكم أشوف اللي ورايا.
أشارت له بهاء بيدها ليمضي في طريقه قائلة
اتفضل.
انتظرت ذهابه لتتوجه بسؤالها إلى رفيقتها
إيه رأيك
علقت بسنت حقيبتها على كتفها قائلة بإرهاق
أنا مش قادرة أفكر دلوقتي محتاجة أنام الأول.
لحظتها رفعت بهاء ذراعها لتلفه حول كتفيها فتضمها إليها وقالت بحنو
ماشي يا بسبوسة نتكلم آخر النهار لما نرتاح ونفوق.
شروده صار كثيرا في الآونة الأخيرة خاصة حينما يختلي بنفسه في غرفته كان يشعر بالعجز عن فعل أي شيء اعتاد ممارسته حينما يمتلك وقت الفراغ يبدو أنها استحوذت على تفكيره للدرجة التي جعلت أي شيء يقارن معها بلا قيمة. ولجت السيدة نهيرة إلى غرفة ابنها نادته لأكثر من مرة لكنه لم ينتبه إليها مما أكد لديها ذلك الشعور الأمومي بأنه يكن المشاعر الخفية لإحداهن رغم سعيه لإنكار ذلك في البداية. لم تستطع كبح نفسها من سؤاله
شايفاك ساكت كده ومش بتتكلم معايا زي عوايدك.
فرك عمر مؤخرة عنقه قائلا بعد حمحمة مقتضبة
بفكر في الشغل.
حدقت في عينيه مباشرة لتسبر أغوار عقله قبل أن تراوغه في سؤالها
الشغل برضوه ولا حد في الشغل
لم يستطع إخفاء ما يستثير عواطفه مؤخرا عليها ومنحها ردا شبه مرض لها
يعني من ده على ده!
ابتسمت
السيدة نهيرة في حبور لأنه أخيرا قد تخلى عن فكرة العزوبية وربما عثر على ضالته المنشودة في إحداهن لهذا دعت له بصدق
ربنا يرزقك يا حبيبي ببنت الحلال اللي تستاهلك.
وكأن طيفها الرقيق قد تجسد أمامه ليحتل الفضاء الوهمي الذي لا يراه سواه ليجد نفسه يردد في رجاء كبير
يا رب.
...............................................
حرصت على رفع شعرها ولفه وربطه في منتصف رأسها قبل أن تلامس وجنتها الوسادة الناعمة تثاءبت بهاء بصوت مسموع ومطت أطرافها بإرهاق لتخفض من يدها حتى تتحسس بطنها المنتفخ وهي تئن يبدو أنها لم تتعلم من درس الماضي وتناولت وجبة أخرى دسمة بصحبة عائلتها لترجو من الله ألا تصاب بعسر الهضم أو تعاني من آلام معدتها ناهيك عن خوضها لأحد الكوابيس العجيبة.
كان من الأسلم لها تناول الدواء فأخذت واحدا لتهدئة معدتها وڠرقت بعدها في سبات عميق كانت محظوظة للغاية لتجد نفسها هذه المرة تخوض حلما ليس هو ضيفه المزعج فيه حيث كانت على هيئة
متابعة القراءة