رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
عندما استطرد أحدهما من خلفها مرحبا بهما
منورين...
التفتت ناظرة إليه بعينين جاحظتين وهي تحاول ابتلاع ما في جوفها لتجد أمير مستمرا في التعبير عن مشاعره علنا
حقيقي فرحت لما شوفتكم هنا.
تمكنت بسنت من التنفس وهمهمت في خفوت وقد انعكس على تعبيرات وجهها علامات الامتعاض
اللقمة كانت هتقف في زوري.
حدق أمير في وجه بسنت متابعا في نبرة مهتمة
لم تنطق الأخيرة بكلمة متعجبة من طريقة تحديقه المريبة بها فتولت بهاء الكلام عنها
شكرا لذوقك.
حاول أمير البحث عن أي شيء ليطيل من حواره معهما لئلا تشعرا بالملل منه فاستأنف حديثه
عمر باشا واقف هناك وأكيد لما هيشوفكم هيسلم عليكم.
تلقائيا اتجهت بهاء بعينيها إلى حيث يقف أبصرته يتحدث مع مجموعة من الشابات فانتابها الضيق لأن غيرها تلاطفه بأريحية زائدة عبست قليلا وردت
أخبرها مبتسما بتهذيب
هو بيقوم بواجبه مع كل الطلبة بتوعه...
ما لبث أن اتجه ببصره نحو بسنت ليخاطبها بتورية حذرة
بس إنتو ليكم مكانة مميزة عندنا.
سرعان ما اعتلت الدهشة وجه الأخيرة فسألته مستفهمة
اشمعنى
تلبك من افتضاحها لمحاولته المكشوفة لإظهار اهتمامه بها فراوغ قائلا وهو يمد يده بورقة صغيرة
عاملته بسنت بنوع من الرسمية
قريناه في الإيميل.
أحس بالحرج الشديد من معاملتها الجافة معه ومع ذلك حافظ على ثبات بسمته الودية مرددا
تمام أنا حبيت أتأكد إنكم على علم بكل حاجة.
ردت باقتضاب
تسلم.
هز رأسه معقبا
طيب هستأذن ولو احتجتم حاجة نادوني.
أولته بسنت ظهرها لتنظر إلى مائدة الطعام وكأن وجوده من عدمه لا يعني لها شيئا في حين كلمته بهاء باحترام
انتظرت ذهابه لتلكز رفيقتها في جانب ذراعها كنوع من التوبيخ لها قبل أن تنهرها
إنتي يا بنتي رخمة ولا إيه
سألتها بسنت بفم شبه ممتلئ بالطعام
ليه بس
أجابتها بنفس النبرة المعاتبة
الراجل بيكلمنا بذوق وإنتي بتكسفيه كده!
أعطتها تفسيرها المنطقي
اللي اتلسع من الشوربة بينفخ في الزبادي وأنا عايزة أمشي جمب الحيط وأطلع من التدريب ده على خير.
صباح الخير عليكم.
لم تنظر تجاهه وظلت متسمرة في مكانها تحاول ابتلاع ما في فمها بتعجل لئلا يرى خداها وهما منتفخان بالطعام .. بالتبادل معها قامت بسنت بالرد عليه
تصنعت الابتسام لتصغي إليه وهو يكمل
كويس إنكم جيتو صحيح الدنيا هادية لسه شوية وهتلاقي الوضع غير.
آنئذ استدارت بهاء لتواجهه وردت بإيجاز
كويس.
سألهما وعيناه مرتكزتان عليها فقط
خدتوا جولة في المكان
ولا لسه
ظلت بهاء صامتة فأجابته بسنت في قدر من الصراحة
لأ احنا جينا على الأكل على طول.
ابتسم لتعليقها مرددا
أيوه مايصحش تمشوا على بطن فاضية.
سرت مشاعر الخجل في دماء بهاء وأخذت تنظر بتعجب إلى رفيقتها التي كانت منطلقة في الحديث معه باستفاضة فمن يتطلع إليها الآن لا يصدق أنها كانت جامدة قبل برهة! تنبهت لحديث عمر عندما أضاف
بالمناسبة في معرض معمول للمنتجات المحلية في النادي ممكن تبقوا تاخدوا فكرة عن الحاجات اللي فيه.
تظاهرت بهاء بأنها منشغلة بما يوجد في صحنها بينما ردت عليه بسنت باهتمام
أوكي هناكل ونروح نبص عليه
تراجع خطوة للوراء متأهبا للمغادرة وهو يردد
تمام هسيبكم شوية وأرجعلكم تاني.
لوحت له بسنت بيدها قائلة
خد راحتك.
انتظرت ابتعاده لتسأل صديقتها في لؤم وهذه النظرة العابثة تطل من مقلتيها
هي القطة بلعت لسانك ولا إيه معاه
شعرت بشيء يحز في صدرها وراحت تخبرها في ندم
معرفش بيحصلي إيه!
تنهدت بسنت بعمق وعلقت بتحير
الظاهر إن كل واحدة فينا بحالة!
انتهت الخطبة القصيرة من القائد للترحيب بالجميع وشكرهم على تواجدهم لينتشر بعدها الحضور في الأرجاء للاستمتاع بفاعليات اليوم الترفيهي والتي تنوعت ما بين الاشتراك في التدريب المجاني على الرماية أو مسابقات الألعاب الإلكترونية واختبارات الذكاء أو القيام بجولة في داخل المعرض الخاص بتاريخ الأسلحة العسكرية وركن البطولات فيه بجانب التمتع بشراء المنتجات يدوية الصنع من المعرض المحلي المقام بداخله.
سارت بهاء مع رفيقتها بتلكؤ لتأمل المنطقة الخاصة بالتسوق التجاري والتي استحدث وجودها بالمكان لكن للأسف كانت معظم المحال مغلقة لمحت من على بعد أنس فتخشبت في مكانها وهتفت بضيق وقد جذبت رفيقتها من ذراعها لتجبرها على الوقوف
الحقي الرخم جه!
رأته بسنت كذلك فتجهمت قسماتها مرددة بقلق
تعالي نبعد أوام قبل ما يترازل علينا.
استدارت كلتاهما على عجالة وهرولتا في الاتجاه المعاكس لتقول بهاء وهي تشير بيدها للأمام
المعرض ده حلو نتدارى فيه.
أسرعت الاثنتان تجاهه فكان مكانا جيدا للتواري عن الأنظار ناهيك عن كونه فرصة طيبة لإلقاء نظرة كثبة على المنتجات المعروضة فيه. وقفت بسنت أمام إحدى الأركان المخصصة لبيع القبعات اليدوية المزدانة بأشرطة الستان أعجبت بالتصاميم البسيطة وأشارت إليها هاتفة
بصي الطواقي دول.
راقت إليها أشكالها المختلفة فأثنت على جودة المنتج
شكلهم حلو أوي.
وقعت عيناها على ركن آخر يبيع الحقائب اليدوية المصنوعة من خيوط التريكو وأيضا الكروشيه فهتفت وهي تشير تجاههم
ده في شنط كمان هناك!
تمكنت بهاء من رؤية إحدى الفتيات وهي تبيع الشموع المعطرة فأخبرتها بها ليأتي تعليق رفيقتها عابثا
ينفعوا وقت الجواز.
أخفت بهاء ضحكتها الصغيرة وانتقلت ببصرها نحو ركن آخر يبيع الأشياء التذكارية لتصيح بسنت في حماس بعدما التقطت إحدى الميداليات ذات الشكل المميز
شوفي الميداليات دول في واحد شبه العسكري تفتكري يليق على مين عمر ولا أمير
كان تلميحها صريحا للغاية مما أربك بهاء فانطلقت تحذرها
بلاش بدل ما نلبس في الحيطة وأنا آخر حلم مش مريحني.
استرعى فضولها كلامها الأخير فسألتها بإلحاح
حلم إيه ده ماقولتليش عليه.
لم تحبذ الحديث عنه فقالت وهي تستعد للاتجاه إلى الممر التالي بداخل المعرض
بعدين تعالي نبص على النضارات.
اعترض طريقهما عمر فاستغربت الاثنتان لرؤيته وزاد ذلك الشعور بالحيرة عندما خاطبهما
كويس إني لاقيتكم.
قبل أن تبادر إحداهما بسؤاله أخبرهما بلهجة من يقرر لا من يخير
دلوقت هيبدأ تدريب الرماية أنا حاطط اسمكم فيه.
تدلى فك بسنت للأسفل لتهتف باستنكار متعاظم
رماية إيه
بينما ردت بهاء في اضطراب
احنا مابنعرفش نضرب ڼار أصلا.
قال وهو يشير لهما بالتحرك فورا
دي فرصة علشان تتعلموا حاجة.
اهتز شفتا بسنت في رجفة واضحة وراحت تهمهم لرفيقتها بإحباط امتزج بالړعب
ملحقتش أفرح بالطقية!
لأكثر من مرة
حاولت بسنت إقناع صديقتها بمراوغة عمر والهروب منه قبل أن يتورطا في هذا النوع من التدريبات الخطېرة لكنه ضيق عليهما الخناق وجعل فرصهما أقرب للعدم من خلال ملازمته اللصيقة لهما لتجدا نفسيهما مع البقية في قاعة كبيرة ممتدة لمسافة عشرات الأمتار بشكل مستطيل ومجهزة بأحدث أدوات التصويب والرماية.
أظهر عمر إعجابه بالتواجد الكثيف من الدارسين في منطقة الرماية المغلفة
أنا مبسوط إني شايف العدد ده قصادي النهاردة.
حاولت بسنت البقاء في المؤخرة وهمست لرفيقتها في تبرم
إياكش ما يعملوناش أهداف حية وينشنوا عليها.
أحنت بهاء رأسها تجاهها لترد بصوت خفيض
مش للدرجادي!
على نفس الوتيرة الهامسة تساءلت بسنت
هو إنتي تضمنيه
بعد صمت مدروس أجابتها
الصراحة لأ!
أضافت بسنت أيضا في تذمر
وتلاقي اللزج كان جاي ياخدنا لهنا بس ملحقناش!
لحظتها طافت بهاء بنظرها على الواقفين لتتساءل
أنا مش شيفاه وسطهم هو راح فين
بشفاه مقلوبة ردت عليها
يا رب يضربوا عليه ويتزاح من طريقنا.
اضطرت كلتاهما لالتزام السكوت عندما تساءل عمر في صوت قوي ومسموع
مين
متابعة القراءة