رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
عمدت إلى تغيير الحديث عنه بإضافتها
تعرفي الأكل هنا مش بطال.
ردت عليها بسنت قبل أن ترتشف مشروبها البارد
معاكي حق طعمه كويس.
هزت رأسها توافقها الرأي لتضيف أيضا بحسم
بعد كده نبقى نجيب من هنا بدل ما نطلب أوردر.
أبدت تأييدها قائلة
أيوه والسعر كمان معقول.
انهمكت كلتاهما في تناول الطعام وبسنت بين الحين والآخر تختلس النظرات حولها حيث جلس بعض الضباط مختلفي الرتب العسكرية بشكل متناثر في أرجاء الكافيتريا عادت لتحملق في وجه رفيقتها هامسة في عبثية مرحة
انزعجت بهاء من تلميحها المفهوم وڼهرتها في تشدد
عيب كده احنا جايين نتعلم مش نصطاد عريس!!
استمرت على وتيرتها اللاهية هاتفة بصوت ما زال منخفضا
وده يمنع برضوه نكمل نص دينا واحنا ماشيين في طريق العلم.
اشتدت قبضتها على شوكة الطعام التي بيدها كما احتدت نظرتها المنزعجة تجاهها وحذرتها بغير تساهل
أطرقت رأسها قليلا وقالت في نبرة متبرمة
خلاص هاكل وأنا ساكتة.
أوشكت كلتاهما على الانتهاء من تناول الطعام والتحرك في هدوء للعودة إلى قاعة الدراسة قبل أن تبدأ المحاضرة التالية لولا أن اقټحمت مجموعة ملثمة ومدججة بالسلاح محيط الكافيتريا ليتقدم أحدهم ويطيح بقدمه أقرب مقعد يعيق طريقه فأديرت كافة الأعناق تجاه هؤلاء الأغراب لحظتها عمت الفوضى الأرجاء وسادت حالة من الهرج والمرج كما تعالت الصيحات المرتاعة هنا وهناك.
هو في إيه
انفلتت من بسنت صړخة فزعة قبل أن ترد
مش عارفة.
صدح صوت أحدهم مجلجلا بقوة
محدش يتحرك من مكانه
في البداية لم تجرؤ أيا منهما على التعليق بشيء لكن قامت بهاء بالاختباء أسفل المنضدة وجرت معها بسنت لتحميها من الخطړ والأخيرة تتساءل في ذهول ممزوج بالړعب
ردت عليها وهي لا تزال تجذبها من رسغها لتجبرها على الانحناء
استخبي أوام.
تكرر ذلك الصوت الأجش آمرا الجميع
أي حد هيتحرك فجر راسه!
ثم أطلق العديد من الأعيرة الڼارية لترتفع الصرخات الفزعة هسهست بسنت في ذعر متزايد
يا ختاي إيه اللي بيحصل بالظبط أنا مش فاهمة حاجة.
فتشت بهاء بعينيها عن أقرب نقطة للهروب فكان الباب القريب من طاولتهما حيث لم يتواجد بعد أي فرد ناحيتها وقتئذ فكرت في استغلال الفرصة المتاحة والاندفاع تجاهها لم تضيع الوقت في التردد لذا مدفوعة بعنفوانها شدت صديقتها من معصمها هاتفة في صوت مضطرب
لم تفكر مرتين وتبعتها في الحال ليلمحها قائد تلك المجموعة الملثمة فأطلق عيارا ناريا في الهواء قبل أن يوجه سلاحھ تجاههما هادرا
أمسكولي دول بالذات!
انتفضت بسنت مصعوقة
قبل أن تردد في استنكار رغم خۏفها
هو في إيه هو الكل مستقصدنا ليه!!
استمرت بهاء في جرها خلفها وعلقت ساخرة
شكلنا خطړ على الأمن القومي.
مكانش ده تدريب نحضره احنا رمز للنحس!
تمكنت الاثنتان من الخروج من الكافيتريا بأعجوبة وركضتا بأقصى سرعة في الردهة بعيدا عن ذلك المكان الخطړ لتشعر بهاء بثقل خطوات رفيقتها فاستحثتها على المثابرة وعدم الاستسلام
اجري يا بسنت.
اشتكت إليها الأخيرة بصوت لاهث
مش قادرة ركبي مش مساعداني! هو أنا بقيت مسنة ولا إيه!!
فجأة وكأنه ظهر من العدم اعترض أحدهم طريقهما لتنفلت الصرخات المڤزوعة منهما حاولت بهاء ركله بقدمها لكنه نجح في تفاديها بحرفية شديدة فحذرتها بسنت من الاقتراب منه هاتفة بأعلى نبرتها
حاسبي يا بيبو!
انحشرت بهاء في الزاوية ولم تستطع الفكاك من ذلك الملثم فاندفعت بسنت لإنقاذها بلا تفكير ليدفعها بذراعه بعيدا عنه ويسقطها أرضا كررت بهاء هجومها عليه لكنه انقض على عنقها ودفعها منه للخلف ليلصق ظهرها بالجدار تطلعت إليه في ړعب فبادلها نظرة مخيفة ورغم ذلك بدت مألوفة لها إلى حد كبير لحظة التشتت التي كانت عليها جعله يصير أكثر تفوقا فسدد لها لكمة قاسېة بمؤخرة سلاحھ الآلي طرحتها أرضا وأفقدتها الوعي في الحال لتندفع بسنت ناحيتها صاړخة بهلع كبير
بيبو فوقي!
تحرك تجاههما ذلك الملثم ليصيح في بسنت بلا ترأف
اتحركي يالا!
نظرت إليه في ارتعاب واضح ثم حاولت حماية رفيقتها بجسدها قائلة بصوت مرتعش
احنا معملناش حاجة.
أمرها بصوته الصارم
ولا نفس!
هزت رأسها في طاعة قبل أن ترد بصوتها المهتز
حاضر.
مرة ثانية أمرها وهو يشير بسلاحھ مهددا إياها
اتحركي قدامي.
همت بالاعتراض عليه قائلة
بس آ...
قاطعها متسائلا بنبرة غير رحيمة بالمرة
تحبي ټموتي هنا
في التو هزت رأسها نافية والخۏف مستحوذ بالكامل عليها
لأ.
انضم أحدهم إليه فأعطاه أوامره بإمساكها فقبض على ذراع بسنت ليجذبها منه بخشونة ثم أجبرها على السير معه قسرا لتعود إلى داخل الكافيتريا بينما بقيت نظرات الملثم مرتكزة على بهاء المغشي عليها مرددا پشماتة ووعيد
أما إنتي فدورك جاي!
آنئذ نزع القناع الأسود عن وجهه الذي يخفيه لتبدو ملامحه واضحة. ابتسم أنس في غرور وتابع في تشف
هنشوف هتعدي من الحوار ده إزاي !!
يتبع الفصل السابع
الفصل السابع
الخطة الموضوعة مسبقا طبقت اليوم بعد مراجعة متأنية ومناقشة دقيقة لكل نقاطها وبالتالي تعطي وتجسد النتائج الأقرب للواقع ليتم استخدامها لاحقا في حالة حدوث ذلك. أراد عمر بشدة أن تسفر القرعة العشوائية عن انضمام بهاء إلى فريقه الخاص بالمفاوضات وتحرير الرهائن لكن يبدو أن الحظ لم يكن حليفه فقد وقع الاختيار لتكون ضمن المجموعة الأخرى التي ستتعرض للاختطاف القسري على يد أنس ودون علم منها بتفاصيل العملية والذي بالطبع لن يضيع الفرصة عليه للتلاعب بها واستفزازها نفسيا وبدنيا وكأن في ذلك متعة له.
الشعور الذي لازمه حينها كان مزعجا بطريقة لا توصف على الرغم من أن الأمر قد يبدو روتينيا أو معتادا ومع هذا استاء لأنها لم تكن إلى جواره ليحميها بطريقته الخاصة ويبعد عنها الشرور.
للتمييز بين الفريقين المتواجهين ارتدت الفئة المسئولة عن تنفيذ عملية الاختطاف الملابس السوداء بجانب الأقنعة بينما الفئة المكلفة بتحرير الرهائن وإلقاء القبض على الخاطفين ارتدت الزي العسكري. تنبه عمر إلى قائده حينما خاطبه
العملية بدأت.
أدى التحية العسكرية ورد عليه في نبرة رسمية
تمام يا فندم واحنا جاهزين.
تابع القائد بلهجته الجادة
كل حاجة هتتسجل وبعد كده هنرجع نحلل اللي حصل مع الخبراء.
هز رأسه مرددا في نفس النبرة الرسمية
طبعا يا فندم.
ابتسم قليلا إليه وقال
بالتوفيق للجميع فيها.
اكتفى بخفض رأسه هاتفا
شكرا لحضرتك.
تحرك بعدها متوجها إلى فريقه ليتابع ما يدور معهم وقلبه ينبض بنوع من القلق على تلك الغائبة عن عينه والحاضرة في عقله.
كان واثقا في قرارة نفسه أن رفيقه يراقب الوضع عبر كاميرات البث المباشر من الجانب الآخر لذلك عمد أنس إلى استفزازه بشكل مستتر فقط ليغيظ ويشعره أنه صاحب الأفضلية والكلمة العليا في شيء ما خاصة مع شكوكه بشأن ذلك الاهتمام الخفي من قبله تجاه هذه الشابة المتعجرفة فأراد تلقينها درسا وإھانتها بشكل يجعلها أضحوكة في نظر الآخرين ودون أن يتلقى التوبيخ جراء تصرفاته لأنها ببساطة في سياق التدريب.
أعاد أنس وضع قناعه على وجهه لتغطيته ثم انحنى نحو بهاء الفاقدة للوعي ليجذبها من ذراعها رفعها قليلا عن الأرضية ثم حملها من خصرها ليلقيها على كتفه وعاد بها إلى داخل الكافيتريا. دنا من رفيقتها الفزعة وألقاها أرضا بجوارها آمرا أحد رجاله
تراقبلي الجوز دول ماتشلش عينك من عليهم مش عايز
متابعة القراءة