رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
عليها الطريق لهذا أبطأت بسنت من سرعة سيارتها حتى أوقفتها بمحاذاة الرصيف في بقعة شبه خالية من الزحام لتلتفت ناظرة إلى رفيقتها وقد افترضت مجازا
تفتكري هو شغال هناك في الأكاديمية
فركت بهاء جبينها قائلة بشيء من الارتباك الحائر
مش عارفة معنديش جواب لسؤالك بصراحة.
أضافت بسنت في نفس اللهجة المضطربة
ردت عليها بتفسير منطقي بدا أكثر إقناعا لها
جايز تكون صدفة المكان فيه عسكريين ومدنيين يعني بيتهيألي شيء طبيعي إننا نتصادف معاه.
أنا مابثقش في الصدف وخصوصا إن حوارنا معاه لسه طازة...
توقفت لهنيهة لتبتلع ريقها وأكملت
ده احنا حدفناه بالبيض ده بقليله إن معملناش عجة!
همهمت بهاء في تخبط زاد من توتر رفيقتها
أطلقت بسنت تنهيدة تشي بقلق بالغ وعبرت عما يجوس في نفسها قائلة
أنا خاېفة لو طلع فعلا شغال في الأكاديمية وعرف عننا أي معلومات ممكن يوصلنا ويعمل فينا حاجة...
تصاعد الخۏف في نبرة بسنت وهي تخاطب رفيقتها كأنما تلوم تسرعها
ما كنا اعتذرناله وخلصنا.
ردت عليها بتعصب
هو أدانا فرصة إنتي شايفة بنفسك كان بيكلمنا من مناخيره إزاي!
هو معاه حق ما احنا بهدلناه ومكانتش الحكاية سهلة وبعدين ما الحال من بعضه إنتي كان ناقص تشوطيه.
سددت لها نظرة قاسېة ولم تعقب عليها فقد أرهقها التفكير في شأنه لذا قالت في سأم
كبري منه ماظنش هيقربلنا واحنا نعرف ناس برضوه يقدروا يوقفوه عند حده لو فكر يضايقنا.
أنا قلبي مش مرتاح وإحساسي عمره ما خيب.
بالطبع فكرة الاڼتقام منهما كانت مطروحا وبقوة خاصة إن صدق حدس رفيقتها وثبت أنه يعمل بهذا المكان حاولت بهاء تجنب التفكير في هذا الأمر وترجيح فكرة أن رؤيته كانت بمحض الصدفة ولا خطړ من ناحيته .. هكذا اعتقدت لتسكت الأصوات الدائرة في فضاءات رأسها.
شايفك رايق ومزاجك فل الفل ما تبسطني معاك.
قابل عمر ألفته الزائدة بجدية بحتة وسأله بتحفظ
عايز إيه يا أنس في حوار جديد ناوي تلطني فيه معاك
رفع كفيه للأعلى مبديا ندمه وهو يبتسم بمرح
يا باشا والله أنا توبت عن المشاكل والبنت إياها إديتها بلوك ودلوقتي ماشي في السليم.
لم يبد مقنعا به وقال بفم شبه ملتو
ولا ماشي مع واحدة تانية
نفى في الحال
أنا عند كلمتي.
هز رأسه معقبا بنفس النبرة الجادة
كويس أتمنى تفضل على كده مش شوية وترجع تاني.
خفض أنس من ذراعيه ووضع يده على صدره قائلا
ثق فيا يا باشا...
ثم مال للأمام
قليلا متسائلا بمكر
بس مقولتيش إيه اللي مفرحك
أراح عمر مرفقيه على سطح مكتبه قائلا في نبرة مزهوة
الحمد لله القيادة وافقت على الاقتراح بتاعي وبقى ليا لي كل الصلاحيات في إدارة الدورة التدريبية الجديدة زي ما أنا مخطط وراسم.
مط رفيقه فمه في إعجاب ليعلق بعدها
مبروك عليك طول عمرك مصدر فخر لينا كلنا وأنا واثق إنك هتبهرنا.
تنهد متابعا
ربنا المعين وأقدر أحقق نتائج كويسة.
أكد له في ثقة
إنت أدها يا باشا.
عبث بعدها أنس في ساعة يده متسائلا بوجهه الباسم
مش ناوي تعزمني بمناسبة الأخبار الحلوة دي
رمقه بهذه النظرة الحادة قبل أن يخبره
مش لما أخلص حقي القديم منك الأول.
وماله أنا رقبتي سدادة خلي المرادي عليا.
انتهز الفرصة ليبدي موافقته وهو ينهض من مقعده
وأنا مش هرد كلامك بينا.
قام أنس هو الآخر من موضع جلوسه وهسهس في صوت خفيض
استر يا اللي بتستر وما يطلعش زعلك غالي وينفض جيوبي!
رغم خفوت نبرته إلا أنه استطاع سماع جملته الشاكية لذا ابتسم في انتشاء لأنه عكر صفوه بشكل ما.
وقت الفراغ بالنسبة لها كان يعني تمضية المزيد من اللحظات المميزة مع رفيقاتها حيث يمكنهن التجول في المراكز التجارية المختلفة أو تناول الطعام في واحد من المطاعم المتخصصة في الوجبات الغريبة. ألقت بهاء نظرة تفقدية سريعة على الحقائب المتنوعة التي تحملها في يديها قبل أن تدير رأسها نحو رفيقاتها اللاتي تباطأت خطواتهن بعد لف لمدة لا تقل عن الساعتين بين المحال المختلفة لابتياع المميز من الثياب ومنتجات العناية بالبشرة والشعر وكأن هناك مسابقة للجمال قد انضممن إليها مؤخرا.
هتفت ميرا بتذمر موجهة كلامها للجميع
خلاص مش قادرة رجلي بتوجعني يا ريت تشوفوا مكان نقعد فيه.
اقترحت عليهن بسنت وهي تشير بيدها للأمام
هناك ال
تساءلت بهاء مستعلمة
طب هنطلب إيه أكل ولا هنشرب حاجة
في التو قالت ميرا وقد اتجهت نحو أحد المقاهي الحديثة القريبة من جهتها
يا ريت نقعد في الكافيه ده ونشرب منه أي حاجة سخنة.
لم يتجادلن حول اقتراحها كثيرا فالتعب قد بلغ مبلغه منهن وكن بحاجة للراحة لبعض الوقت. استقرت الشابات حول مائدة مستديرة لتستطرد بسنت متحدثة وهي تميل قليلا بجسدها نحو رفيقتها المقربة
بيبو وصلك الميل بتاع التدريب
أجابتها بهاء بإيماءة مقتضبة من رأسها
أيوه شكله هيبقى جامد أنا قريت تفاصيله مختلفة ومش زي أي حاجة حضرناها قبل كده.
وافقتها الرأي وزادت عليه
دي أول مرة يعملوا النوعية دي من التدريبات.
جاء تعقيبها منطقيا
علشان كده أنا متأكدة إنهم هيجيبوا أحسن ناس فيه.
فتحت بسنت هاتفها المحمول لتستعرض الرسالة الإلكترونية التي وصلتها على بريدها الخاص أظهرتها لصديقتها قائلة وهي تشير نحو سطر بعينه
كاتبين إن فيه جزء عملي كمان وإنه أساسي في التقييم.
ضيقت بهاء عينيها لتقرأ مجددا ما دون في الرسالة ثم أردفت بشيء من الثقة
وماله مافيش حاجة هتستعصى علينا.
علقت عليها بسنت في امتعاض ظاهر
المهم نشتغل في الآخر ما يبقاش بعد الصرف ده كله نقعد في البيت.
قطبت رفيقتها جبينها مخاطبة إياها
ما هو على يدك الشغل المتاح إما سكرتيرة عند مدرس مشهور يا في مكتب تخليص جمركي على أده يا إما في مكاتب تصوير وحاجات لا تذكر...
هزت بسنت رأسها كنوع من التأييد لها فتابعت بهاء بنفس الجدية
والشركات المحترمة عايزة ناس عندها خبرة طب هنجيبها إزاي واحنا أصلا مش لاقيين حد يشغلنا
ثم أصبحت نبرتها أكثر حدية وهي تسألها
ولا إنتي عاجبك نشتغل في وظيفة أي كلام
حاجة أقل من قيمتنا
بلا أدنى تردد نفت بسنت وهذا التعبير المحتج يسود قسماتها
لأ طبعا.
بعد لحظات كن جميعا يجلسن حول طاولة شاغرة قمن بوضع مشترياتهن أرضا وبدأن في استعراض قائمة المشروبات بشيء من الحيرة استطردت ميرا متحدثة أولا
هتطلبوا إيه يا بنات
ردت عليها بسنت بتحير
مش عارفة أول مرة أجرب الأعدة هنا.
اختطفت بهاء قائمة المشروبات من يدها وقالت في
متابعة القراءة