رواية بقى منها حطام أنثى لمنال سالم
المحتويات
واقفا من مكانه ومد يده ليصافحه لكنه تجاهله عمدا ونظر له شزرا ثم حل زرار سترته وجلس ببرود على الأريكة ..
شعر عمرو بالحرج الشديد وكور يده الممدودة إليه ثم أبعدها بخزي ..
أشار له مالك بعينيه ليجلس فتمالك الأخير أعصابه كي لا يثور ..
عليه أن يتعامل بهدوء معه حتى يحقق مبتغاه ..
وضع مالك ساقا فوق الأخرى وانتصب في جلسته وسأله بجمود وعينيه مسلطتين عليه
تنحنح عمرو بصوت خفيض ثم رسم ابتسامة واثقة على ثغره وهو يقول بحذر
أنا .. أنا كنت جاي النهاردة عشان آآ..
قاطعه مالك قائلا بجدية آمرة
خش في الموضوع على طول أنا معنديش وقت أضيعه !
اكتسى وجه عمرو بحمرة واضحة وبدت عروقه في البروز .. ولكنه استنذف كل طاقاته في السيطرة على انفعالاته .. ورد عليه بهدوء حذر
أنزل مالك ساقه ونظر له بإستهزاء قبل أن يسأله ببرود
وايه اللي يخليني أوافق عليك إنت بالذات !
ازدرد عمرو ريقه بصعوبة وشعر بالإهانة الصريحة في عبارته الأخيرة .. وتشدق قائلا بثبات
لأني .. بأحبها
قهقه مالك عاليا ليستفزه أكثر ثم أشار له بإصبعه وهو يرد بتهكم
إنت .. بتحب ! لأ حقيقي نكتة ظريفة
أنا مش جاي أقول نكت هنا
تجهم وجه مالك فجأة وقست تعابيره واحتدت نظراته وهو يقول بصوت قاتم
وأنا مش موافق على طلبك !
انقبض قلب عمرو بشدة وشعر بأن روحه على وشك أن تنتزع منه .. فتساءل بنزق محاولا فهم سبب الرفض وإن كان يعرفه مسبقا
ممكن أعرف ليه
أكيد إنت شايف المستوى اللي اختي عايشة فيه الوقتي إزاي عاوزني أرضى أجوزها واحد زيك فقير محلتوش حاجة !
ابتلع عمرو الإهانة ودافع عن نفسه قائلا بقوة
الفلوس مش كل حاجة وأنا قادر أعيشها في مستوى معقول يكفيها ويخليها مستورة !
ضحك مالك مستهزئا به.. ثم رد عليه بسخط ونظراتها الإحتقارية مسلطة عليه
أظلم وجه عمرو بشدة وتلونت عيناه بحمرة متعصبة .. فقد كان مالك على حق .. هو بالفعل أهانه بالماضي وحقر من شأنه بل إنه تعمد جرحه ليشعره بدونيته .. واليوم يرد له الصاع صاعين
فلماذا يتعجب .. فهذا ما جنته يداه !
حقيقي سبحان الله الزمن فعلا بيعيد نفسه ! مين يصدق إن عمرو بيه بغروره وعنجهيته يقعد النهاردة قصادي يطلب ايد أختي لأ ومستني مني أوافق عليه !
لم يستطع عمرو تحمل المزيد من التجريحات والإهانات فهب واقفا وصاح محتجا بعصبية وهو يشير بإصبعه في وجهه
انا مش عاوز اهانة لو سمحت أنا جاي اطلبها وآآآ...
انتفض مالك هو الأخر من مكانه وصاح به بإنفعال مقاطعا إياه وقد برزت عيناه بشراسة مخيفة
ما انت أهنتني في بيتك مستغرب ليه من طريقتي معاك في التعامل ولا هو كان حلال ليك زمان وحرام عليا الوقتي !!!
هدر فيه عمرو متساءلا بصوت غاضب
انت بتردهالي يعني !!
رد عليه مالك بقسۏة وهو يرمقه بنظرات حادة
احسبها زي ما انت عاوز .. بس أخر حاجة ممكن اقولهالك إن الزمن بيتغير وزي ما جيت عليا وظلمتني أنا كمان هاجي عليك وأوي كمان ..
أمسك بطرفي سترته ثم زررهما معا وتابع بقسۏة أشد
اتفضل من غير مطرود .. وقتك خلص !!
بدى وجه عمرو كأنه على وشك الإڼفجار.. وكز على أسنانه بقوة كادت أن تحطمها ثم انصرف غاضبا من أمامه وهو يشعر بمدى الإهانة التي طالته اليوم منه ...
تابعت روان من أعلى الدرج ما دار بينهما بقلب مفطور ..
هزت رأسها مستنكرة وكتمت شهقاتها بصعوبة .. ثم ركضت مسرعة إلى غرفتها وهي تكاد تزعم أن روحها قد جرحت هي الأخرى معه و بضراوة ...............
.....................................................
وبقي منها حطام أنثى
الفصل الثلاثون الجزء الثاني
لم تذهب إيثار لعملها بعد ما صار مع مالك ورفضها لعرضه بالزواج منها .. وقررت إعطاء نفسها إجازة مرضية حتى تستعيد زمام السيطرة على نفسها من جديد .. وتستعد لمواجهته بهدوء ..
هي حمدت الله في نفسها أن روان متواجدة هناك حتى لا يزيد شعورها بالذنب تجاه الصغيرة ريفان ..
تجهم وجهها بشدة حينما أبلغها أخيها عمرو بما حدث أثناء مقابلته مع مالك .. وتحولت نظراتها للشراسة ..
لم تتوقع هي أن يهينه الأخير بكل تلك القسۏة والبرود .. وكأن قلبه قد تحول لحجر شديد الصلابة ..
أطرق هو رأسه بذل واضح وبدت نظرات عينيه منكسرة للغاية ..
هو كان فيما مضى متحكما في
مصير غيره بل على العكس كان أكثر شراسة وقسۏة وظلما ..
ما آلمه حقا هو إحساسه بالقهر وقلة الحيلة ..
فالفارق الآن بينهما كبير ..
لم يعد مالك كما كان متوسط الحال مثله بل بات أثرى من عائلته المتواضعة بمراحل ..
هو بالفعل خسر أول معاركه معه .. ولكنه لن يستسلم سيحاول مجددا .. هي تستحق تكبد العناء من أجلها ..
تساءلت إيثار مع نفسها بغرابة ممزوجة بالحنق وهي تنظر إلى أخيها بشرود ..
ألم يكن مالك مثله عاشقا
ألم يخفق قلبه لأجل الحب
ألم يقاتل من أجل الظفر بحبيبته
فلماذا يتعامل مع أخيها هكذا !
شعرت بالضيق لأجل عمرو الذي أدمعت عيناه وهو يحاول بصعوبة السيطرة على نفسه كي لا يبكي كمدا ..
تملكها الڠضب والحمية لأجل أخيها ..
ربما كان متسرعا في حكمه على مالك وفي تحكمه بحياتها وسعيه لتزويجها بالأنسب من وجهة نظره .. لكنها لم تكن لتتركه يعاني مثلها أو يكون في موقف يحسد عليه ..
وضعت يدها على كتف أخيها وهتفت بجدية وقد اشتدت تعابير وجهها
متقلقش يا عمرو احنا معاك إن شاء الله ومش هانسيبك
نظر لها بحزن واضح فزادت وخزات قلبها وتابعت بإبتسامة مشجعة
وماتنساش روان بتحبك وهتدعمك وهتحارب عشانك
رد عليها بنبرة حزينة منكسرة وهو يهز رأسه
يا ريت !
لمحت هي في عينيه تلك العبرات التي تتراقص فيهما فأشاحت بوجهها بعيدا حرجا منه .. وعضت على شفتيها بقوة ...
نهض عمرو قبل أن يذرف عبراته المخټنقة أمام أخته فيشعر بإشفاقها عليه واتجه إلى غرفته ليغلق الباب خلفه ..
احتدت قسمات وجه إيثار وصرت على أسنانها قائلة بتوعد
مش هاسيبك يا مالك تقهر قلب أخويا مش هاسيبك تظلمه ولا تظلم أختك بعنادك ده !!!!
.....................................
طرق بأصابعه بحركات ثابتة على السطح الزجاجي للطاولة الدائرية وحدق في المتحدث أمامه بنظرات ثابتة ثم استطرد حديثه قائلا بهدوء
تمام أنا هاراجع البنود مع المحامي وهنتكلم بعدها تاني
ابتسم له الرجل مجاملا وهو يرد عليه
اتفقنا يا مالك بيه وأتمنى يكون في تعامل بينا
نهض مالك ليصافح الرجل قائلا بإقتضاب
إن شاء الله
بادله الرجل المصافحة وهو مازال محتفظا بإبتسامته
شكرا على وقتك !
في نفس التوقيت اقټحمت إيثار مكتب السكرتارية ووجهها محتقن للغاية .. بل من ينظر بتمعن في ملامحها يدرك أنها على وشك الإڼفجار غاضبة في أي ثانية ..
استطاعت هي أن تحصل هاتفيا على عنوان الشركة من راوية وقررت التوجه إلى مالك لمقابلته هناك ..
لم ترد الذهاب إلى فيلته لټتشاجر معه أمام روان فتفسد الأمر وتصعب عليها الوضع ..
اختارت أرضا محايدة للقتال من أجل أخيها ..
نظرت لها السكرتيرة بإستغراب ونهضت عن مقعدها لتسألها بحدة
حضرتك مايصحش تدخلي المكتب بالشكل ده
حدجتها إيثار بنظرات ڼارية قبل أن تصرخ فيها بإنفعال
مالك بيه موجود !
ردت عليها السكرتيرة بهدوء
أيوه بس عنده اجتماع ومش هاينفع حضرتك تقابليه بدون ميعاد سابق سيبي اسمك وتليفونك واحنا ه..آآ....
قاطعتها إيثار بعصبية
وأنا هاقبله دلوقتي
ثم تحركت بخطوات سريعة في اتجاه باب غرفة مكتبه ..
هبت السكرتيرة من مكانها محاولة اللحاق بها وهي تهتف بتخوف
ياآنسة استني يا مدام حضرتك مايصحش كده !
أمسكت إيثار بالمقبض وأدارته لينفتح الباب على مصرعيه والسكرتيرة من خلفها تحاول منعها من الدخول ...
حدق مالك پصدمة واضحة تجاه من تقف على عتبة الباب ..
لم يتوقع قدومها على الإطلاق إلى مقر عمله ..
سعادة غامرة وخفية تسربت إلى جميع خلايا جسده ..
وحماسة مفرطة سيطرت عليه لرؤيتها بخير أمامه ..
هتفت السكرتيرة بحرج وهي تنظر إلى رب عملها بتوجس
أنا أسفة يا فندم والله هي اللي آآ...
أشار لها مالك بيده لكي تصمت وهو يقاطعها بهدوء
خلاص اتفضلي على شغلك .. !
تنحنح الرجل المتواجد بالغرفة بصوت خاڤت ثم أردف قائلا بنبرة محرجة
احم .. هستأذن أنا وعلى اتصال يا مالك بيه
رد عليه بنبرة جامدة
إن شاء الله !
تنحت إيثار جانبا لتفسح المجال للرجل لكي يمر .. وتسمرت في مكانها للحظات لتحدق في مالك بنظرات قوية وحادة ..
التوى ثغره بإبتسامة متسلية وهو يراها في حالتها العصبية ..
أغرته بشدة تلك الحمرة الظاهرة على وجنتيها ناهيك عن تلك القوة الطائشة التي أتت بها إليه في شركته ..
جلس مالك على مقعده ببرود مستفز وأشاح بوجهه بعيدا عن إيثار التي كانت تشتعل غيظا في مكانها .. ثم أمسك بالملف الموضوع أمامه وأردف قائلا بجمود
هاتفضلي واقفة عندك كتير .. تعالي !
ضغطت على شفتيها بقوة وكظمت غيظها مؤقتا منه ثم تحركت نحوه ولكنها أمرها بهدوء بارد
اقفلي الباب وراكي !
اتسعت حدقتيها پغضب جم والتفتت لتغلق الباب بعصبية ..
ثم تحركت في اتجاه مكتبه ..
أشار لها بيده دون أن ينظر إليها لتجلس ..
فنظرت له شزرا وصاحت بإنفعال
أنا مش جاية هنا عشان أقعد أو أضايف أنا جاية أشوف معاك حل في اللي بتعمله مع أخويا
رفع بصره لينظر إليها بنظرات جادة وثابتة .. ثم رد
عليها ببرود
اقعدي الأول وبعدين نتكلم
ألقت بجسدها على المقعد بعصبية وأكملت بصياح
مش معنى إن أنا رفضتك إنك تحمل أخويا الذنب وترفضه !
توقفت لثانية لتلتقط أنفاسها قبل أن تهدر قائلة وهي تشير بيدها
ايه إنت معندكش قلب معندكش إحساس بأختك حتى !
نظر إلى يدها التي تلوح بها أمام وجهه بهدوء مهلك .. وجاهد ليسيطر على بروده ..
أغاظها عدم اكتراثه بها فصړخت بعصبية
إنت عارف كويس إنه مش بيهزر وإنه عاوز يتجوز روان !
راقب إنفعالاتها بدون إبداء أن تأثير فزاد هذا من حنقها منه وهدرت وهي تصرخ فيه
ده انت المفروض أكتر واحد تكون حاسس باللي اتظلم جاي دلوقتي تظلم أخويا وأختك !
قبض مالك فجأة على يدها التي تهدده بها وضغط عليها بأصابعه بقوة فإرتجف جسدها من تلك الحركة
متابعة القراءة