رواية بقى منها حطام أنثى لمنال سالم
المحتويات
دفعته إيثار بكل ما أوتيت من قوة للخلف فتفاجيء من ردة فعلها وحدجته بنظرات جامدة قبل أن تقول بحدة
وأنا مش موافقة
تسمر في مكانه مشدوها للحظة محاولا استيعاب رفضها الغير متوقع ..
هو متأكد من حبها الجارف له بل إنه يثق أن خلايا
ډمها متشبعة كليا بعشقهما ..
تأهبت للتحرك والهرب من حضرته الممېتة لكن صدها مالك بجسده ووقف حائلا أمامها ليهتف بنبرة مصډومة
وأنا مش عاوزة الحب ده
قالتها بصعوبة بالغة وهي تحاول السيطرة على مشاعرها المضطربة ..
أغمض عيناه للحظة محاولا السيطرة على انفعالاته ثم سألها بهدوء
طب انتي مش موافقة ليه
عجزت عن الرد عليه أتخبره أنها تحبه پجنون ولكن كبريائها يمنعها من القبول بعرضه المغري لتحل كبديلة عن زوجته بتلك البساطة أم تدعي الكذب أنها تبغضه كما لم تبغض أي أحد من قبل
وهي عاجزة عن حسم أمرها معه ..
التقط كفها بين راحتيه وجذبها برفق إليه واحنى رأسه عليها ليطالعها بنظرات تعرف كيف تخترقها ببراعة وهمس لها
أنا بأحبك يا إيثار .. بأحبك ومقدرش أعيش من غيرك !
ارتجفت من تأثير كلماته وشعر بإرتعاشتها ..
أغمضت عيناها بإرتباك كبير وسيطرت على كيانها رعشة غريبة حجبت عنها التفكير بصورة عقلانية وزدات دقات
ابتسم بثقة حينما أيقن تأثيره الطاغي عليها ..
وأغراه سكونها لإختطاف قبلة صغيرة منها .. ولكن قبل أن يقدم على هذا كانت هي تنسحب منه بصورة دفاعية وهي تصيح بإصرار عنيد
مقدرش أتجوزك مقدرش !!!
أسرعت تلملم شتات أمرها وقبل أن ټنهار باكية أمامه وتغير رأيها ركضت مبتعدة إلى خارج الفيلا..
صدمت روان وهي تتابع المشهد من الداخل مما حدث ..
خرجت مسرعة لتستفهم من أخيها عن سبب إعتراضها فتركها ورحل دون أن يعطيها أي مبررات ..
.................................
هب عمرو منتفضا من مكانه حينما سردت عليه والدته تحية ما فعلته مع السيدة ميسرة ..
تلفت حوله غير مصدق ما سمعه توا وهتف بذهول
أجابته تحية بهدوء
ايوه يا بني هي عدت عليا من شوية وكتبتلي ورقة فيها العنوان
تساءل عمرو بتلهف وهو يمد يده نحوها
فين الورقة دي
أخرجت والدته ورقة مطوية وضعتها بداخل طيات صفحات أجندة الهاتف لكي لا تضيع ثم أعطته إياها ..
أخذها منها عمرو ونظر إلى العنوان المدون بها وابتسم بسعادة وهو يردد
ردت عليه والدته بنبرة دافئة
إن شاء الله يا حبيبي هايكون خير وربنا هيعوضك ويكرمك باللي نفسك فيه !
ورغم فرحته الظاهرة على وجهه إلا أن شعورا مزعجا كان ينتابه حينما يفكر في ردة فعل مالك ..
فالماضي مازال يقف حاجزا بينهما ....
انتبه كلاهما إلى صوت غلق باب المنزل فدققا النظر في إيثار التي انتجهت إلى غرفتها دون أن تلقي عليهما التحية ..
نظر عمرو لوالدته بإندهاش وتساءل بفضول
هي مالها
ردت عليه بقلق
مش عارفة يا بني تلاقيها بس تعبانة في الشغل
تحرك عمرو في اتجاه غرفتها مرددا بجدية
أنا رايحلها !
اعترضت تحية عليه قائلة
طب سيبها شوية تكون ارتاحت وبعد كده خشلها
رد على إمتعاض
حاضر يا ماما هاسيبها شوية وبعد كده هاتكلم معاها
.................................
ألقت إيثار بنفسها على الفراش ودفنت رأسها في وسادتها لتبكي بحړقة على ما حدث ..
لامت نفسها على رفضها لطلب حبيبها بالزواج ..
لكن ما منعها من القبول هو إحساسها بأنه يشفق عليها .. بأن حبه لها لم يعد خالصا بل شاركته فيه غيرها وتمتعت بأحضانه الدافئة .. وهي التي كانت تعاني الويلات والقسۏة مع غيره ..
شعور الخزي والخذلان دفعاها للتراجع والابتعاد ..
لقد ظلمها مثل غيره وتوقع بسهولة أن ترضخ مستسلمة لعرضه ..
لم تكن لتقبل بإهانة كرامتها أو كبريائها ..
لكن قلبها .. ذلك الشيء النابض الذي يرفض مقاومتها لتيار مشاعر الحب الصادقة .. أبى أن يستسلم لهواجسها .. وذكرها بحب حقيقي نابع من أعماق الفؤاد ..
وأجبر عقلها على تذكر تلك اللحظات الماضية بينهما ..
لحظات مميزة جمعتهمل صدفة وعن عمد ..
لقاءات حفرت في ذاكرتهما ذكريات جميلة كانت سندها في أحلك الأوقات ..
ها هي تضعف من جديد ..
ټنهار حصونها أمام سيل حبها الجامح له ..
هي لم تكرهه بالفعل .. هي تبغض الظروف التي أجبرتهما على الفراق ..
.......................................
حالة من الوجوم سيطرت عليه طوال اليوم وهو يحاول استنباط سبب رفضها له ..
وضع يديه على رأسه ليضغط عليها بقوة بعد أن أنهكه التفكير المتعمق ..
أرخى يديه إلى جانبيه وسحب نفسا عميقا من هواء البحر الذي يشكو إليه دوما همومه ..
زفر بإنهاك وحدث نفسه بيأس
طب أعمل ايه عشان توافق !
ركل رمال الشاطيء بقدمه بعصبية ثم تابع بضجر
ليه تعباني معاكي ليه !
تخيل صورتها تتجسد أمامه على أمواج البحر
المتلاطمة وضحكاتها الرقيقة تتشكل لتأثره أكثر بغمازتيها البارزتين فظهر شبح ابتسامة باهتة على محياه .. وتنهد قائلا
إيثار !
......................................
ظلت حبيسة غرفتها لفترة طويلة .. شاردة حزينة أوجاع قلبها تفتك بما تبقى من روحها المنهكة ..
سمعت دقات خفيفة على باب غرفتها فنهضت بتثاقل من على الفراش وكفكفت أثار عبراتها من وجنتيها ..
فتحت الباب وحدقت في وجه أخيها بشحوب ..
نظر لها بإشفاق وسألها بهدوء
ليه أعدة لوحدك
ردت عليه بفتور وهي توليه ظهرها
ماليش نفس لحاجة
سار خلفها وسألها بتوجس وهو يراقب تصرفاتها الغير مكترثة
في حد ضايقك في شغلك حد اتعرضلك !
لم تستطع البوح له بما يجيش في صدرها .. هي لا تريد أن يتشارك أي أحد همومها .. لا ترغب في أن تكون عبئا على أحد حتى لو كان أخيها .. لذلك ابتلعت غصة مريرة عالقة في حلقها وأجابته بإرتباك قليل
ه.. آآ.. لأ
تحرك عمرو ليقف قبالتها ثم وضع يديه على ذراعيها وهزها قليلا وهو يتابع بجدية
إيثار أنا عاوزك تثقي فيا أنا عمري ما هاعمل أي حاجة تضرك أو تأذيكي اديني بس فرصة وأنا هاثبتلك إني اتغيرت بجد !
ابتسمت له وهي ترد عليه بتأكيد
عمرو .. أنا مصدقاك والله مش محتاج تثبت حاجة ليا !
سألها مجددا بإلحاح
طب قوليلي مالك ايه اللي مغير احوالك كده ومضايقك !
ردت عليه بإقتضاب وهي تطلق تنهيدة قصيرة
مافيش ..
أيقن عمرو أن أخته لن تتحدث بسهولة فابتسم بتهذيب وهو يضيف
عموما أنا موجود لو حابة تفضفضي معايا !
بادلته إبتسامة ودودة وهي ترد عليه
ربنا يخليك ليا !
تحركت ناحية فراشها وجلست على طرفه فتابعها أخيها بنظراته ثم هتف فجأة بحماس
أنا عاوز أقولك على حاجة
رفعت رأسها لتنظر إليه متساءلة
ايه هي
ظهرت ابتسامة عريضة على محياه وهو يجيبها بغموض
مش هاتصدقي ماما قالتلي ايه النهاردة
سألته إيثار بفضول
خبر يفرح !
رد عليها بنبرة شبه حائرة وهو يحك مؤخرة رأسه بيده
هو لحد الوقتي مش باين إن كان يفرح ولا لأ بس إن شاء الله خير !
نظرت له بإهتمام فتابع هو قائلا بهدوء حذر
المهم ماما قالتلي إن مالك أخو روان وافق يقابلني
اتسعت مقلتيها في صدمة غير متوقعة وارتفع حاجبيها للأعلى بذهول وهتفت غير مصدقة
ايه !!!!!!
أكمل عمرو قائلا بحذر
منتظرني بكرة عنده فادعيلي !
ارتبكت أكثر مما قاله أخاها .. فهب لا تدري ردة فعله تجاهه بعد أن رفضته .. تخشى أن يعاقبه لقرارها ..
عضت على شفتها السفلى وهمست بتوتر
آآ.. ربنا يكرمك !
حاول عمرو أن يرفع الحرج عن أخته خاصة أن للموضوع أذيال متعلقة بالماضي .. وتابع بهدوء
يا رب أمين عاوز دعوة محترمة من القلب مش هوصيكي !
ردت عليه بصوت فاتر
أكيد !
أدمعت عيناها عقب حديث أخيها الجاد حول ما ينتوي فعله مع عمرو بداخل غرفتها ..
كانت تريد أن تسير الأمور بسلاسة ويحدث الإرتباط بينهما دون أي تعقيدات ..
لكنه أراد أن يلقن عمرو درسا .. ليعرف كيف يمكن أن يقهر قلبا ويفسد حياة بأسرها بسبب تعنت مجحف وظلم جائر ..
احتضن مالك وجه أخته براحتيه بعد أن جثى على ركبتيه أمامها وباشر حديثه قائلا بإبتسامة صغيرة
والله ده لمصلحتك صدقيني أنا عمري ما هضرك ولا هاخلي حد يجرحك بس لازم يستحمل عشان يعرف إنك تستاهلي التعب والټضحية !
نظرت له في صمت بعينيها الباكيتين ولم تستطع أن تعقب عليه ..
فبماذا تخبره هل تفضح نفسها وتقول أن قلبها تعلق به بالفعل وأحبه وباتت ترسم أحلاما وردية معه أم تكتفي بالصمت وكتم أحزانها داخل صدرها وتعاني من عڈاب الحب بمفردها
شعر مالك بتخبط مشاعر أخته الصغرى وأجبر نفسه على القسۏة قليلا معها من أجلها هي ..
ابتسم لها مجددا ومسح عبراتها من على وجنتيها بأنامله ثم اعتدل في وقفته .. وتركها وانصرف دون أن يقول بالمزيد فهو لا يريد وضعها في موقف صعب .. لذا أسلم شيء تركها الآن ...
مالت هي على جانب فراشها وأجهشت بالبكاء الحارق فاستمع هو إلى صوت شهقاتها التي لم تستطع إخفاؤها وهو يقف في الخارج مستندا على الحائط ....
أطرق رأسه أسفا وحدث نفسه بجمود
بكرة هتشكريني على ده !
رحل مسرعا قبل أن يلين قلبه تعاطفا معها .....
...................................
لحظات مرت عليه وكأنها دهر وهو ينتظر بترقب شديد حضور مالك إلى الصالون ..
استقبلته راوية ودعته للجلوس وأحضرت له مشروب بارد ..
ظل يتلفت حوله ليتأمل المكان بإنبهار واضح عليه ..
أثاره الفضول ليعرف كيف استطاع مالك خلال تلك الفترة القصيرة أن يحقق كل تلك النجاحات في عمله ليتمكن من شراء فيلا كهذه ويؤسس شركة مميزة بدأ اسمها في الظهور بقوة في الأوساط التجارية ..
كانت إيثار قد أخبرته من قبل عن عملها معه كمربية لطفلته
الصغيرة لكنها لم تخبره عن أي تفاصيل تخص حياته الشخصية ..
قطع تفكيره المتعمق صوت مالك الرخيم وهو يقول
سوري على التأخير
نهض عمرو
متابعة القراءة