سجينة جبل العمري بقلم ندى حسن

موقع أيام نيوز

سجينة جبل العامري
الفصل الأول
ندا حسن
لم تكن تعلم أن لحظة ولوجها إلى جزيرة العامري ستكون نفس اللحظة الذي سجل بها التاريخ أنها سجينة جبل العامري
تطاولت الأيام عليها قللت منها ونالت من طموحها رحل من كان لها الأمن والأمان السكن 
يونس رحمة الله عليه مرة واحدة فقط منذ الكثير ربما منذ سبعة أو ثمانية سنوات هبطت من الطائرة القادمة بهم من مطار دبي في الإمارات العربية المتحدة إلى مطار القاهرة في ليفعل ذلك ولا تستطيع الوصول إلى الجزيرة بتلك السهولة ليس هناك أي وسيلة مواصلات أو طريق للوصول إليها إلا الطريق البحري جزيرة العامري أهناك أحد يعرفها من الأساس أو توجد على خريطة الجمهورية! 

الكثير والكثير من الوقت والمجهود المفرط في محاولة للوصول إلى هناك 
قد أتت من دبي منذ يومان بالضبط في محاولة منها للوصول إلى أهل زوجها يونس ولكن بائت كل محاولتها بالفشل لأنها في تلك المرة الوحيدة التي ذهبت فيها إلى هناك لم تهبط في أي محافظة سوى القاهرة كالآن ولم تجهد في محاولة الوصول مع زوجها بل كان الطريق أسهل مما يكون عليها من طائرة إلى أخرى خاصة والأولى كانت في الدرجة الأولى على متن الطائرة كأكبر رجال الأعمال والأغنياء بينما الآن الفارق كبير للغاية 
لا يوجد مال تمتلكه لتكون في الدرجة الأولى بل هي حصلت على مال السفر بالدين واعدة مالكه بأنها سترده إليه في أقرب فرصة 
بقيت اليومان في فندق هي وشقيقتها الصغيرة وابنتها بينما تحاول وتحاول الوصول إلى أن تذكرت صديق قديم لزوجها يعرف الطريق جيدا فعبثت كثيرا إلى أن وصلت لهاتفه وقد دلها على الطريق الذي اكتشفت أنه مرهق للغاية ومتعب ويستغرق الكثير من الوقت والمال ولكن على أي حال عليها التكملة 
الآن تقف على أول الخيط وصلت إلى الجزيرة بعد معاناة لا مثيل لها رحلة بالقارب لم تقل عن ثلاث ساعات! كل هذا لتكون هنا في هذا المكان النائي الذي لا يعلم أحد بوجودة من الأساس! كل هذا لتكون هنا على هذه الأرض الرملية الغريبة عليها كليا 
تقدمت للأمام بخطوات بطيئة وبيدها ابنتها الصغيرة واليد الأخرى بها حقيبة سفر كبيرة 
تقدمت خطوة والأخرى وعينيها تجوب المكان من كل إتجاه ليس هناك اتجاهات من الأساس سوى النيل! أيعقل أن يكون هناك بلدة أكثر وأكثر الجميع من نساء ورجال ينظرون إليها بغرابة تطلق العنان لخصلاتها السوداء الطويلة تنطلق على ظهرها كشقيقتها وكل النساء هنا يضعن على رؤوسهن وشاح منهن من تغطي رأسها بالكامل ومنهن من تغطي نصفه 
يرتدين عباءة فضفاضة سوداء من في طريقها ومن في الشرف داخل البيوت الصغيرة يرتدين عباءة بيتية بألوان زاهية غريبة والرجال جلباب بألوان مختلفة باهتة كالأسود والړصاصي 
أخرجت زفير حاد من فمها دليل على ذلك الشعور السيء الذي لازمها هذه الفترة نظرت إلى السماء ذو الشمس الساطعة يا الله
بعد سير يقارب العشرون دقيقة وأكثر وقفت أمام قصر العامري أمام سور العامري الضخم الأرض الخضراء وقفت أمام بوابة المرور إلى عائلة العامري المالكة الأكبر والأعظم لهذه الجزيرة 
تنفست الصعداء وارتسمت الابتسامة على شفتيها بعد أن مرت بإحباط دام كثيرا تركت الحقيبة على الأرضية وافلتت يد ابنتها الصغيرة واستدارت تنظر إلى الخلف تتذكر ذلك المكان جيدا 
نظرت بعينيها السوداء لترى كل شيء كما هو مساحة كبيرة أمام قصر العامري في الخارج ومن بعدها هناك ترعة كبيرة للغاية في الطول والعرض لقد سارت على خطها إلى أن وصلت إلى هنا وعلى الضفة
الأخرى يوجد ذلك الجبل المسمى ب جبل العامري ككل شيء في الجزيرة 
ذلك الجبل الذي حذرها زوجها يونس في السابق الإقتراب منه حاولت مرارا أن تذهب إلى هناك وتستكشف المنطقة ولكنه رفض رفضا قاطعا وأبعدها عنه تماما وإلى اليوم بقي فضولها داخلها للتعرف على المنطقة وذلك الجبل الغامض بالنسبة إليها 
تركها من أوصلها إلى هنا ورحل فوقفت أمام هذه البوابة الضخمة المغلقة خرج من الداخل أحد الحراس الذي شعر بأن هناك أحد في الخارج بسبب رؤيته لهم من تلك الفتحات الموجودة في البوابة بشكل مزخرف 
فتح البوابة ونظر إليهم فرفعت عينيها السوداء عليه وهتفت بصوت مرهق للغاية ومتعب إلى أقصى درجة
قصر العامري! أنا مرات يونس العامري الله يرحمه
فتح لها الطريق ومن معها وأشار لغيره من الحرس أن يأخذوا الحقائب منهم ففعلوا تقدمت للداخل ومعها ابنتها وشقيقتها نظرت
في الأنحاء وكم بدى التغير واضح لم تكن أيام بل هي سنوات مرت على رحيلها من هنا مؤكد سيكون هناك تغير وبالأخص في الحرس الكثير والمبالغ بهم 
القصر حوله زراعة خضراء أشجار فاكهه وغيرها ومساحة شاسعة للحديقة في الخارج تليق بهم على عكس الأرض الرملية في الخارج على عامه الشعب في هذه الجزيرة تهكمت وهي تلوي شفتيها وتحدث ذاتها فأنهم هنا في دولة منفصلة عن الدولة الأصلية هنا عامة الشعب على الجزيرة والحكام داخل هذا القصر الضخم الذي مؤكد سيكون داخله تكييف على عكسهم
وعلى عكس
ما رأته سابقا 
لما كل هذا الحرس أليس مبالغة! أنهم هنا بعيدون تماما عن البشر الحقيقيون من سيكون عدو لهم ليتواجد كل هذا الكم من الحرس أنها ترى نفسها تدلف إلى فيلا زعيم عصابات وليس قصر عائلة زوجها 
وقفت أمام البوابة الداخلية الضخمة للغاية ولا تقل عن الأولى في الخارج وقام أحد الحرس الذين يحملون حقائهم بدفع الباب بعد أن فتحت الخادمة لهم 
تقدمت للداخل ووقفت تنظر إلى الخادمة التي تتذكرها جيدا ولكن اسمها قد رحل تماما عن ذاكرتها حاولت جمع شتات تفكيرها ثم هتفت بعد عڈاب
ذكية! ذكية مش كده
قدمت الأخرى يدها إليها وابتسمت شاعرة أن الحياة ستبدأ معها من جديد بالسعادة التي افتقدتها
ازيك عامله ايه
سلمت الأخرى عليها بحفاوة وسعادة وأجابتها
الحمدلله يا ست زينة الحمدلله يا هانم
أشارت زينة إلى ابنتها الصغيرة ومن بعدها شقيقتها
دي وعد بنتي بنت يونس الله يرحمه ودي إسراء أختي
اقتربت من الفتاة الصغيرة صاحبة العيون العسلية والوجه الملائكي البريء ذات الخصلات السوداء الطويلة كوالدتها بالضبط وأردفت بحب وحنان
بسم الله الله أكبر قمر ازيك يا وعد هانم
اردفت الطفلة بهدوء ورقة لا يخلو منها الإرهاق
الحمدلله
اتسعت ابتسامتها بعد سماع صوت تلك الرقيقة وأشارت لهم بالدخول إلى القصر
اتفضلوا معلش يا ست هانم فرحتي بيكم نستني ادخلكم
تساءلت إسراء عن الحقائب
هما الشنط ودوها فين
الحرس دخلوهم اوضة الضيوف يا هانم
مرة أخرى تساءلت إسراء
هو ليه كل الحرس دول
حمحمت الأخرى بحدة وسارت بهم وهتفت مبتعدة عن هذا السؤال
اتفضلوا من هنا الست الكبيرة هتتبسط أوي يا هانم
استغربت كل منهن أنها تغاضت عن السؤال وكأنها لم تستمع إليه من الأساس ولكن فعلوا مثلها وساروا معها للولوج إلى السيدة وجيدة عمران والدة يونس زوجها وجدة ابنتها 
وقفت على أعتاب الغرفة بعد أن استأذنت ذكية منها لتقوم بالدخول نظرت إلى الداخل بعينين تتفقد المكان ومن به وجدت والدته شقيقه الأكبر وشقيقته الصغيرة عائلة العامري
دق قلبها بسبب هذا اللقاء الغير مرتب له الذي تواجهه وحدها وتنتظر الرد منهم عليه بكل قلق وخوف لم تكن يوما قريبه منهم بل كانت بعيدة كل البعد عن الجميع هنا 
قلق وخوف البداية أنساها سعادة الوصول 
وقفت وجيدة على قدميها تنظر إليها بتلك العينان السوداء الحادة لقد تفاجأت كثيرا من رؤيتها تقف أمامها الآن دون سابق إنذار دون أي شيء زوجة ابنها الراحل هنا ومعها ابنتها هذه!! 
تقدمت منها بخطوات ثابتة دون أي تعابير على وجهها فشعرت الأخرى بالتوتر أكثر من 
زينة مرات الغالي وحشاني وحشاني يا زينة
وأنتي كمان يا طنط وحشاني والله أوي
وعد! يا روح ستك بقيتي عروسة وجميلة يا ما شاء الله ايه الحلاوة
دي
رفعت رأسها تنظر إلى والدتها التي تقف جوارها لا تستطيع تفسير ما يحدث معها الآن محاولة فهم الأمر من والدتها والذي كان جديد عليها كليا ف اومات لها الأخرى برأسها وتحدثت
دي تيته وجيدة يا وعد مامت بباكي يونس
نظرت إليها الفتاة الصغيرة ثانية وأردفت باحترام ورقة
ازيك يا تيته
ابتسمت الأخرى وخرجت الدموع من عينيها وهي لا تصدق ذلك لقد تمنت كثيرا أن تكون طفلة ابنها هنا بين عائلتها وتعوضهم عن فقدانه الآن الأمر يتحقق
يا روح تيته أنتي
كل هذا وأكثر كان تحت أنظاره جبل العامري المسمى على اسم الجبل الموجود في الجزيرة بعد أن نال اسم العامري من العائلة ينظر إليها بعينان حادة ثابتة عليها هي فقط يحاول فهم تعابير وجهها وجهها! هذا الوجه الذي يأخذ الشكل الطولي حاجبيها المعقودان لونهما أسود ك لون عينيها السوداء الحالكة وأهدابها الكثيفة التي يحيطها كحل أسود يجعل جمالها الباهت رائع أنفها ذو الأرنبة المستديرة وشفتيها الوردية مكتنزة كل هذا على بشړة بيضاء جذابة وخصلات سوداء للغاية كمعظم ملامحها تغطي ظهرها أيضا ملابسها سوداء! أهي في حالة حداد على أحدهم! حفر وجهها داخله 
رفعت عينيها عليه وجدته يجلس ولم يرف له جفن ينظر إليها بغموض وغلظة يتابع كل حركة 
ازيك يا جبل بيه
لحظات! والأخرى وعينيه عليها تحقق تحاول الوصول إلى الأعمق بعد ملابسها وداخلها ثم أجابها وأخرج صوته الخشن
كويس يا مدام زينة
لم تستطع أبعاد عينها عنه لقد كان مروع للغاية وهي التي لم تخاف
من شيء قبل نظرة عينيه الخضراء ترسل إليها إنذار من كل إتجاه لتحافظ على حياتها 
وقف على قدميه وسار ناحيتهم لتفوح رائحته عليها وترى وجهه الغريب حاجبيه الكثيفان ذو اللون الأسود وكأنها توحي بالكره لا تدري لماذا هذا التعبير خصيصا أتى على خلدها عينيه 
وهادئ
أنا عمك جبل أخو يونس
ابتسمت إليه قائلة
ازيك يا عمو جبل
أومأ إليها برأسه بجدية وقال ناظرا إلى عينيها العسلية الرائعة كعيون والدها رحمة الله عليه
كويس أنتي عامله ايه
تنهدت بارهاق وتعب ثم هتفت قائلة
الحمدلله كويسه
أقتربت منها وجيدة ولم تترك فرصة الرد إلى جبل بل جذبت الطفلة صاحبة السبعة أعوام إليها ودلفت بها إلى داخل الغرفة تجلسها على الأريكة وهتفت بصوت مرتفع بفرحة
وهتبقي كويسه على طول يا روح تيته طول ما
أنتي هنا
وقف معتدلا بعد أن أخذت
والدته الطفلة فبقي أمام وجهها تبادل معاها النظرات وكل عين تحكي شيء مختلف تماما عن الأخرى ثم استدار برأسه قليلا ونظر إلى شقيقتها فتاة صغيرة تبدو أقل من العشرون عام بخصلات ذهبية وعيون زرقاء وشفاه تلطخها الحمرة وهي بالفعل جميلة لا تحتاج إلى ذلك 
صاح بصوته المعهود الحاد الذي يحمل خشونه لا توصف
مين دي!
دي إسراء أختي
أبتعد بعينيه إليها وسألها بقوة وثبات واضح وهو يضع يده الاثنين داخل جيوب بنطاله
من امتى عندك أخوات
أردفت تجيب على سؤاله الغليظ توضح له أكثر بما أنه لا يعلم بها
إسراء تبقى أختي من بابا كانت عايشة في تركيا مع مامتها وبقالها فترة كبيرة عايشة معايا
أعتدلت
 

تم نسخ الرابط