رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء التاسع

موقع أيام نيوز

الفصل التاسع والعشرون
___________

روائح الشهر الكريم تهل مع الأيام وتركض يوم بعد يوم وتقترب بنفحات روحانية تمس قلوبنا وتطهر انفسنا..والجميع يستعد بشوق لأستقبال ضيفه..وأكثر ما يميزه بين العامة..هو أغانيه ونغماته الموروثة بيننا..من أصوات شجية تحمل عبق ماضينا
طفولة كانت أو شباب..!

أهلا رمضان!

***

الخامس والعشرون من شهر شعبان المبارك
..............

تجلس جوري أسفل شجرتها المفضلة تشاهد فيديوهات لتصنيع أحدث زينة لرمضان والأغاني المصاحبة تنبعث وتضفي جو شديد البهجة!

كريمة بصياح طفيف: ياجوري وطي صوت تليفونك مش عارفة اكلم ابوكي كلمتين!
_يا ماما انا بعيدة اهو وبتفرج على فيديوهات عمل الفوانيس عشان افوز في المنافسة بتاعة شغل رمضان..واستطردت بدلال: وبعدين عايزة تكلمي الجو بتاعك روحوا مكان تاني الفيلا واسعة يا كيما انا أصلا قاعدة تحت الشجرة بتاعتي.. ( وختمت حديثها بدندنة لأغنيتها المنبعثة من هاتفها وهي تتمايل بشكل أضحك والدها الذي يرمقها بحنان) ..""أهه جه يا ولاد..هيصوا يا ولاد..أهه جيه يا ولاد..زقططوا يا ولاد""

فالتفتت كريمة مغمغمة بحنق: شايف بنتك وقلة أدبها يا أدهم؟ أنا تقولي الجو بتاعك
شاكسها أدهم : طب ما أنا الجو يا كيما تنكري؟
حدقت فيه بدهشة وهي تجز أسنانها: جرى ايه يا ابو يزيد البت قاعدة بلاش احراج قصاد المفعوصة

جورى بصياح: أنا مش مفعوصة يا ماما..وهقوم واسيبلكم المكان عشان ترتاحي

_أحسن بردو..ده احنا كنا مرتاحين من ۏجع الدماغ  انتي في القاهرة!
جوري متخصرة: ياسلام؟ امال مين اللي اول ماشافتني عيطت وقالت البيت كان فاضي من غيري

_ده من أثر الصدمة اما شوفتك..يلا شوفي رايحة فين عشان بكلم ابوكي كلام مهم
_ماشي ياكيما

وقبل أن تتحرك عاجلتها كريمة بسؤال:
هو فين اخوكي عابد؟ مش هتفطروا؟

_عابد بيجيب زمزم ومهند ومحمود.. وعطر كمان جاية بعد شوية وكلنا هنخرج نفطر برة وهنشتري خامات لفوانيس  رمضان اللي هنتنافس فيها..المتسابقين كتروا ياماما..محمود وزمزم هيعملو معانا السنادي!
برقت عين أدهم سعادة: ربنا مايحرمكم من بعض وتفضلو تتسابقوا كل سنة..وطبعا بنتي حبيبتي هي احسن واحدة هتعمل شغل وهتبهرهم
جوري: ياحتة من قلبي يا دومي يا رافع معنوياتي..وحياتك لامسحهم كلهم..انا بتفرج على فيديوهات اهو وباخد أفكار..!
واسطردت وهى تلوح له مبتعدة: هروح انا اتصل بعطر اشوف جاية امتي!
.. ....................
كريمة: مش عارفة رايحين بدري ليه!
_سيبيهم براحتهم مش هتفرق امتي ماهو عابد ومحمود معاهم..ثم ربت على كتفها: كل سنة وانتي طيبة يا غالية
_وانت طيب ياحبيبي وواصلت بحمرة خجل طفيفة:
بس لازم تحرجني قدام الزئردة بنتك
ضحك وقال: معقولة لسه بتتكسفي يا كريمة..ما الولاد عارفين انك الغالية عند ابوهم!
منحته نظرة حانية مع ابتسامتها وهمست:
ربنا مايحرمنى من كلامك وحنانك يا أدهم ويحفظك لينا..بادلها دعائها بالمثل..فتسائلت بعد برهة:
_هو انت ناوي تدبح امتى؟
_انهاردة عشان تاخدي لوازم العزومة بتاعة اول يوم والباقى هيروح لأصحاب نصيبه!
ابتسمت ببشاشة: ربنا مايقطعلك عادة يا ابو يزيد..
_اللهم امين.. صحيح جبتي الياميش ولا اخلى حد يجبهولك؟ متهيئلي كنتي هتخرجي انتي وفدوة مع الولاد تشتروا الحاجات دي!

_لا ما انا اجلتها وقلت انا وعبير وفدوة نستنى دره تيجي ونروح سوا..لسه الوقت معانا..النهاردة 25 شعبان!
_عندك حق..عاصم يومين وجاي هو وبلقيس ومراته..وانا جبت ناس ينضفوا الفيلا زمانها اتردمت تراب من القفلة!
_والله فرحانة انهم جايين..رمضان هيبقي حلو بلمتهم..
_وماتنسيش محمد وعيلته اكيد أوقاتنا هتكون احلى
_ان شاء الله..ورمضان الجاي  يكونوا اكتر لما عابد ويزيد يتجوزوا ويكون كل واحد مع مراته..وجوري يجيلها ابن حلال ويطمني عليها يارب!
_بإذن الله..
وواصل بنبرة قلق: نفسي اطمن على يزيد بالذات ياكريمة!
_ربما يطمنا عليه..والله قلبي حاسس ان ربنا مخبيله الخير كله!
همس بعد ان تذكر حديث لشقيقه: تعرفي..من فترة محمد لمح بحاجة تخص يزيد..ان قريب هفرح بيه..بس كلام كان غامض ما وضحش قصده
صاحت بفرحة: أحلف!..يعني يزيد ممكن يكون كلموا على بنت مثلا؟؟؟
زوى حاجبيه: طب ومايكلمنيش أنا ليه؟
_ عادي يا أدهم يجوز كلمه لأي سبب المهم يكون ده حصل..ده يوم المنى لما اروح اخطب ليزيد واطمن انه لقى بنت تصونه وتسعده
_أدينا داخلين على ايام مفترجة وبندعى له هو واخواته بالخير..( ونهض متمتما) هسيبك بقى واعدي على المزرعة واشوف محمد..عايزة حاجة قبل ما امشي؟
_سلامتك يا أدهم!
___________________________

ظافر: غمضي عنيكي يا ايلي!
قفزت من مقعدها وصاحت ببهجة: حاضر يا آبيه!
وبعد ثوانى أمرها أن تفتح عيناها لتشهق فور رؤيتها فانوس مميز تنبعث منه أغنية رمضانية شهيرة!
_مش ممكن على الجمال شكله تحفففة يا آبيه
وتبعت قولها بقفزة وهي تتعلق بعنقه فتلقفها من خصرها متمتما: كل سنة وانتي طيبة ياحبيبتي..قلت اجيبهولك قبل ما تسافري المنصورة مع ماما والحمد لله انه عجبك..

_عجبني بس؟ ده يجنن وكمان فيه الأغنية اللي بحبها..انا هصوره وابعته للكل يشوفوا..ثم قبلت وجنته وهتفت: كل سنة وانت طيب يا أبيه ومايحرمنيش منك
_وانتي طيبة ياحبيبتي ويحفظك يا أحلى دكتورة

" يا سلام على الدلع..مافيش حاجة لمامتك ياظافر"

استنار وجهه حين أتت والدته واقترب مقبلا جبينها:
ده انتي البركة كلها يا أمي ومقدرش انساكي..والتقط من جيب بنطاله علبة صغيرة تحتوي دلاية بشكل هلال ونجمة

تأملتها والدته بإعجاب: الله ياظافر..جميلة جدا جدا
إيلاف وهي تتناولها بتمتمة إعجاب مماثلة:رووعه يا آبيه..وماما بتحب اوي شكل الهلا والنجمة وبتعلقه طول رمضان
_ عشان كده جبتها للسلسلة بتاعتها..كل سنة وانتي طيبة يا ماما
ربتت بكفها علي وجهه وتمتمت برضا:
وانت طيب وبخير ومالي الدنيا علينا يا ابني..ويارب زي الأيام دي السنة الجاية لو ليا عمر اشوفك متهني مع مراتك ياحبيبي..دي فرحة عمري كله ياظافر..!
قبل كفها ورأسها مجيب: اللهم أمين..في حياتك يا أمي
ايلاف بمشاكسة: مش ناسية حاجة واقعة منك كده في الدعوة ياست الحبايب؟ دوري يمكن في بنت واقعة منك هنا ولا هنا
ضحك ظافر ووالدته وهتفت الأخيرة: انتي واخوكي عيوني اللي بشوف بيها وروح قلبي وبدعيلكم سوا يسعدكم ويحفظكم من كل سوء..!
وواصلت: يلا خدي فانوسك على أوضتك اللي عمال يغني من الصبح ..وصوريه وابعتيه لبنت عمك "صبا" واصحابك!
_ده انا هوريه لطوب الأرض
وحملته وذهبت..والتفتت لظافر متسائلة : جبت ايه لبلقيس؟
_جبتلها فانوس بس شكل مختلف عن ايلاف..هو في العربية شوية  هعدي عليها اديهولها.. وأشار على هاتفه وقال: وده صورته ياماما..فنظرت للصورة بإعجاب وهتفت: ماشاء الله شكله جميل اوي..ربنا يسعدكم ياحبيبي ويفرحني بيكم..خلاص روح عشان ماتتأخرش عليها 
_حاضر يا امي..وانتي اجهزي مع ايلاف عشان هرجع اوصلكم المنصورة عند خالي
_والله ماعايزة اروح بدري كده واسيبك..هستني يومين كمان
اعترض هاتفا: ازاي يا ماما؟ انتي كل سنة بتروحي قبلها بأسبوع عشان تتبسطي انتي وايلي مع الكل هناك..وانا اصلا اليوم كل برة..ماتقلقيش وانا يوميا هتصل بيكي
_طب اعمل حسابك فطار اول يوم عند خالك..
_عارف ماتقلقيش ..وتاني يوم هنروح عند عاصم بيه!
_ان شاء الله..ربنا يتقبل منا ويباركلنا في رمضان ويعيده علينا بالخير ..روح بقى لخطيبتك وسلم على الكل
_يوصل ياحبيبتي
___________________________

أمونة!
استوقفها صوته مناديا فالتفتت هاتفة: أحمد؟ ايه الصدفة دي..كنت عند واحد صاحبي وشوفتك وانا في العربية!
وحاد بصره لشيء بظهر من حقيبة بلاستيكية فقال: ايه ده؟قماش خيامية؟
_أيوة..قلت اجيب كل لوازم الزينة عشان نسهر عليها انهاردة انا وموني..اصل متعودة كل سنة لازم اعمل زينة رمضان بإيدي..بعمل فوانيس وفروع بالخيامية..هبقي اصورها وابعتهالك..ده غير بنعمل معجنات المقبلات بإيدينا وبنتنافس انا وموني!
واستطردت بضحكة قصيرة: هو اه بيتهد حيلنا بس بنكون فرحانين..رمضان ده شهر في السنة وله طقوس خاصة!

_ما شاء الله مجرد كلامك حسسني ببهجة اجواء رمضان بصراحة عمرى ماجربت حكاية الزينة بالأيد
تسائلت:ليه مش بتقول ليك اخ متزوج وعنده ولاد وكمان مامتك..انتو ممكن كلكم تعملوا سوا وتفرحوا الولاد وتتبسطوا معاهم..
_ ماما بتعلق الفوانيس الجاهزة مالهاش في الجو ده..واخويا ومراته نفس الحكاية..وحتي ياستي لو هيعملوا هيكون في بيتهم..!
وواصل: ماعلينا كل سنة وانتي طيبة يا أمونة ورمضان كريم!

_ وانت طيب يا احمد..انت جاي الشركة بكرة صح؟
_اكيد..بس انتي واخدة اجازة بكرة مش كده؟
_أيوة ..لأن هطبق للصبح في اللي حكيتهولك ده فاستأذنت في اجازة من يزيد!
_عادي ولا يهمك..يلا بقي عشان اوصلك!
_لالا توصل مين انا لسه هروح لكذا مكان اجيب حاجات وهاخد تاكس بعدها..هسيبك بقى سلام؟
سلام يا امونة.!
________________________

عابد هروح هناك اختار قماش الخيامية اللي هنسنخدمه انا وعطر من الناحية التانية..على ما انتوا تشوفوا الحاجات دي!
_طب ماتبعدوش الدنيا هنا زحمة
_لا ده احنا جمبك اهو مش هنبعد!
.............

_ممكن افهم بقى مالك ياعطر؟ اللي حكيتيه مافيهوش شيء يضايقك خالص!
_ انتي مش هتفهميني ياجوري..انا حاسة اني اهدرت كرامتي اما بينت غيرتي على يزيد في لحظة ڠضب وعرف اني سمعت كلامه مع بلقيس وعرف اني اضايقت كمان..انا واثقة انه فهم كل حاجة..انتي ماشوفتيش بصلي ازاي وقتها..
وتابعت وعيناها تترقرق: أنا ڤضحت نفسي اوي..كأني بقوله والنبي حبني وحس بيا.. كله من قلة عقلي كان لازم امسك نفسي..هيقول عليا ايه؟
_هيقول انك بتغيري عليه يعني هيفهم انك بتحبيه ياعبيطة!
_ايوة وبعدها يبتدي يعطف عليا بشوية مشاعر ومجاملات على بنت خالته من باب الشفقة صح؟
انا مش ممكن اقبل ده ابدا..اسمعي ياجوري انا مش عايزة اتكلم تاني في موضوع يزيد..ارجوكي بلاش نصايحك خليني بكرامتي احسن..وخلي كل شيء للنصيب!
_بس انتي غلطانة في تفكيرك ده..يابنتي لازم ......
قاطعتها: مافيش لازم لو سمحتي خليني براحتي!
واستطردت لتثنيها عن مواصلة الحديث بذات الموضوع:
انتي احكيلي بقى ازاي اخدتي السلاسل اللي عملها عامر؟ انتي قابلتيه؟
_ لا طبعا ولا قابلته ولا عايزة اشوفه..اللي حصل إن..

وظلت تسرد لها كل شيء حتى صاحت عطر بذهول: ابن الذكية! بقى بعتلك ابن اخته بيهم؟
 

_بصي رغم اني كنت عايزة اخنقه على كدبه بس بصراحة يعني عجبني إصراره انه يوصلك بأي طريقة وندمه اللي واضح جدا يا جوري..شكله هيتجنن ويصالحك!

_ ايه يصالحني دي بابت انتي؟ هو انا في بيني وبينه حاجة اصلا..ده واحد كداب..واللي يكدب يعمل حاجات كتير أسوأ من الكدب.. قفلي على السيرة دي وقوليلي..مستعدة لمنافسة رمضان؟ زمزم ومحمود هيكونوا معانا ومعرفش الفريق هيتقسم ازاي..انا عايزة ابقى معاكي في نفس فريقك

_ ماهو عابد اخوكي هو اللي هيحدد مين مع مين!
همست بمكر: أنا عارفة السنادي عابد هيكون في فريق مين!
عطر بفضول: مين ها؟ مين؟
_ ماتستعجليش ساعات وهنعرف..تعالي نرجع لهم ونشوف اشتروا ايه!
_____________________

محمود: هاتي مهند يازمزم هشتريله حاجات حلوة واجيلكم
_طب خد بالك في الزحمة دي يامحمود احسن الواد يتخطف
_ليه هو مع خاله ولا مع سوسن..امسكي نفسك انتي بس..!
عابد: ماشي يالمض ماتتأخرش عشان تختار معانا
_ماشي!
....................

_حاجات رمضان هنا تحفة.. تختار ايه ولا ايه!
_ماهو كل سنة بيعملو افكار جديدة يا زمزم!
_ماشاء الله المكان رغم الزحمة مبهج بشكل رهيب..اغاني رمضان في كل مكان والناس ماشية مبسوطة وبتضحك..وكأن رمضان بيحرر كل الناس من همومها ومشاكلها..!
_يا سيدي على الكلام العميك
_ انت بتتريق؟ والله بتكلم بجد!

واستطردت وهي تنظر لما يحمله: صحيح، انت جايب العرايس دي ليه ياعابد مش احنا هنعمل فوانيس عادية وفروع زينة؟
_لا يازمزم في افكار تانية كتير
_بس انا معرفش اعمل غير الاشكال التقليدية..شكلى من اولها هخسر وهبقى الفاشلة رقم واحد
_تفشلي وانا موجود بردو يابنت عمي؟
_ منا معرفش اعمل حاجات زي دي وانتم شطار..انا شوفت الحاجات اللي عملتها جوري وعطر..وربنا من جمالها تتباع..مابلاش انا وخليني اتفرج عليكم احسن

_مافيش الكلام ده أنا هعلمك اشكال جديدة في الخباثة من غير ما حد يعرف احسن العيال يفضحونا ويقولوا بتغششها..!
ضحكت هاتفة: بالذات ياسين وجوري..بحسهم مصحصحين اوي..
_منا هحطهم في فريق واحد عشان نخلص.. واما اشوف هيتحفونا بايه..وده اول فريق!
_وتاني فريق هيكون مين؟
_عطر ومحمود!
_غريبة بس عطر مش ليها كلام مع محمود يعني!
_منا اختارتهم عشان لازم يكون في توازن..عطر شاطرة ومحمود لسه مش متمكن يبقي حد يشيل التاني!
_تصدق وجهة نظر بردو؟ طب ماجوري وياسين الاتنين شطار ليه حطيتهم سوا؟
_لا جوري اشطر..ياسين بيعمل بس خلقه ضيق في نص المنافسة هيزهق ويقولك مش لاعب..وجوري تقدر تفوز لوحدها 
زمزم: بردو اقنعتني..طب وانا مين هيساعدني في المنافسة الشرسة دي؟

" أنا يا زمزم"

لفظها كوعد لذاته قبلها.. انه سيكون لها سندا  ويؤازرها في كل شيء حتى لو كانت منافسة للتسلية والمرح!

هتفت : يعني هنكون فريق واحد؟

_أيوة...دايما هنكون فريق واحد..!

تنحنح معدلا نبرته: قصدي يعني عشان يبقى فيه توازن، وكده كل فريق فيه حد شاطر و
اكملت هي جملته: وحد فاشل!

ضحك لقولها وأتت جوري وعطر  وتبعهما محمود ومهند استأنفوا التسوق وشراء كل ما يريدونه لإقامة منافسة ستضاف لقائمة ذكراياتهم الجميلة عن هذا الشهر الكريم!
________________________

_كل سنة وحضرتك طيبة!
_وانت طيب يا ظافر..رمضان كريم ياحبيبي وربنا يتقبل منك
_الله أكرم..( ومد لها مغلف هاتفا) اتفضلي ويارب تعجبك هديتي!
رمقت هديته بفضول وشرعت بفتح غلافها لتجده اهداها سجادة صلاة ومصحف فقبلت كتاب الله وهتفت بفرحة: الله ياظافر..دي افضل هدية ممكن تجيلي..السجادة دي هصلي عليها طول رمضان وهدعيلك..وهختم القرآن في المصحف ده بالذت..!

_ربنا يتقبل من حضرتك ومنا جميعا..!
_اللهم امين ..ثواني هندهلك بلقيس اصلها عاملالك مفاجأة يا سيدي!
عقد حاجبيه متسائل: مفاجأة ايه؟
ضحكت لتشاكسه: لا لحد هنا وماليش دعوة..اما تجيلك هتعرف!

....................

 

_صباح الخير ياظافر..!

ابتسم وعيناه تتشرب ملامحها وتجول عليها وقد بدت مختلفة..في كل مرة يراها يشعر انها افضل من زي قبل..نظرتها مليئة بالثقة..لم يعد يسكنها الخۏف!

همس لها: صباح الورد..عاملة ايه؟

أشارت بإحدى أناملها لطبقها وقالت بفخر: عاملة بسكوت!

وصله عبق نكهة محببة وراقه الشكل..فاستطردت:
عملته مخصوص عشانك..اتعلمته من ماما وشكلته على شكل هلال بما اننا داخلين على رمضان..يلا يدوق بقى ياشيف ياعظيم وقولي رأيك..!

التقط إحدى القطع وقضم نصفها ولاكها ببطء وتلذذ وهي تراقبه عن كثب مترقبة بلهفة رأيه..تتمنى ان يروقه اول شيء من صنع يديها..!

_تحفة!

اتسعا ابتسامتها وقالت: بجد؟ احلف انه عجبك وانك مش بتجاملني وخلاص

هتف بعد أن أخذ منها الطبق بأكمله وراح يتذوق واحدة تلو الأخرى..ثم قال: والله مابجاملك! اولا الشكل رائع ويشجع اني اجربه..ثانيا المزيج بين القرفة والكاكاو ده من النكهات المميزة جدا في البسكوت عموما..ونعومة النشا مع الزبدة مخلياه بيدوب وبيجبرك تفضلي تاكلى منه!

لم تصدق وصفه لما صنعت فصفقت مهللة: انا مش مصدقة انه عجبك كده.. بس انت عرفت كل مكوناته من غير ما اقولك ازاي؟!
غمز لها بمشاكسة: انتى ناسية أنا مين!!
نكزت جبينها علامة السهو وهتفت: أيوة صح نسيت انك اكبر شيف..والحمد لله تعبي مارحش هدر وبسكوتي عجبك..انا صاحية من بدري بعمله ..وصممت محدش يساعدنى حتى ماما..!

اسعده بشكل لا يوصف فرحتها وتلقائية تعبيرها عن سعادتها برأيه..فهمس ثانيا: خدي أول درس في مهنتي..أي حاجة صاحبها يعملها بحب وإخلاص..لازم تطلع حلوة بجمال مشاعره وصدق رغبته انها تطلع حلوة!

تأملته برهة ثم همست: وانا حطيت كل مشاعري فيه ياظافر وكنت صادقة!

غرق بعسل مقلتيها وهي تتأمله فتأملها هو الأخر وذاب كلا منهما في محيا الأخر حتى قاطعهما صوت هاتفه..فالتقطه وحدث صديقه وعاد يتمتم لها: جايبلك حاجة معايا استنيني لحظة!

تابعته بعيناها وهو يغيب عابرا  للساحة الخارحية.. وعاد بعد قليل حاملا شيء كبير مغلف! 

_اتفضلي!
_ايه ده؟
_ افتحيه وشوفي!
 

غمرته فرحة جمة لنيل هديته اعجابها بهذا الشكل وتمتم: الحمد لله انه عجبك..ثم همس برقة وهو يطالعها: كل سنة وانتي طيبة يابلقيس!
نظرت له عاجزة عن التعبير عما تشعر به من فرحة بهديته..كيف تحصى عدد المرات التي يسبب لها السعادة كما منحها الأمان من قبل..تريد تمنحه مكافئة ولا تعرف ماهي..فأهدته ارق ابتسامة مع همسة صوتها المحبب: كنت فاكرة ان ماما وبابا بس هما اللي يقدرو يفرحوني لأنهم اكتر اتنين بيحبوني وبحبهم..وساد صمتها برهة تتأمله وتابعت: أنت بقيت من أسباب سعادتي في الدنيا ياظافر..شكرا لكل حاجة بتعملها عشانى.!

كثيرا ما تعجز الأفواه عن إيجاد الكلمات المناسبة لقولها..فتأتي لغة العيون نجدة وعون لصاحبها..!

وهو منحها نظرة لا تضاهيها الكلمات..وابتسامة ارجفتها من كثرة تأثيرها..وأخجلتها لتفرك كفيها كعهدها كلما خجلت..فحاول بمجهود جبار أن يقاوم التأمل بها وقال: طب انا همشى دلوقت عشان هوصل ايلاف وماما المنصورة..عايزة حاجة؟
_هترجع تاني ولا هتفضل معاهم؟
_لا راجع لأن عندي شغل لازم اظبطه بنفسي عشان اغطي غيابى عن المطعم اول أسبوع وانا في المنصورة عند خالي

لاحظ ترددها وكأنها تريد قول شيء لكنها تتراجع!
_في حاجة يابلقيس؟
تمتمت كاذبة: لا مافيش
_لأ في..قولي عايزة..أنا مش مستعجل ماتقلقيش!
صمتت مترددة فشجعها بنظراته..وهمست باستحياء:
_أصل بصراحة كنت عايزة اشتري هدايا لماما وبابا وأعمامي والباقين بمناسبة رمضان..عشان اما نسافر المنصورة بكرة اقدمها ليهم..وواصلت بنبرة حزن: أنا عارفة ان الكل كان زعلان عشانى وده اقل تعويض يفرحهم في مناسبة زي دي..أنا حاسة كأنى أول مرة هشوف أهلي بعد غياب..عايزة الكل يكون فرحان !

_بإذن الله تكون زيارة ليها الأثر اللي بتتمنيه..وانا معاكي في اللي عايزة تعمليه!
وواصل بعتاب: وده اللي كنتي مترددة تقوليه؟..
_منا خۏفت اعطلك انت لسه بتقول عندك شغل وهتوصل "ايلي" وطنط!
_مافيش عطلة ولا حاجة اليوم لسه طويل..اجهزي بعد المغرب وهعدي عليكي ونروح مول حلو في حاجات متنوعة وممتازة للهدايا
_يعني مش هعطلك عن شغلك؟

_ عطليني براحتك هو انا اطول البرنسيسة بلقيس تطلب من حاجة!

ضحكت وهو يدللها ثم هتفت بحماس:
طب استنى هديك حاجة قبل ماتمشى!
وهرولت أمامه ليتابعها وابتسامته تزداد وهو يراها تملأ الدنيا بانطلاقها..وعادت بعد دقائق:
اتفضل دي علبة من البسكوت بتاعى عشان طنط وايلي يدوقوا منه..وابقى قولي رأيهم!

تناوله منها وشاكسها: طب وانا فين العلبة بتاعتي؟
تلجمت وهي تطالعه بدهشة! فمازالت تشك انه اعجبه لتلك الدرجة..وغمغمت بإحراج: بصراحة ماعملتش غير الكمية دي!
ضحك لخجلها وواصل مشاكستها: خلاص يبقى  العلبة دي هاخدها معايا المطعم واكل منها لحد ما اجيلك بالليل!
ضوى وجهها وتريد تقفز من فرحتها انها فعلت حلوى بسيطة واعجبته هكذا..فاستطرد: بس هخلي ماما وإيلي يدوقوا ماتقلقيش!
همست منتعشة: ماشي..وبألف هنا..!
_الله يهنيكي..يلا هسيبك عشان اكسب وقت واخلص شغلي واجي اخدك بالليل.. وهتصل بعاصم بيه اعرفه بخروجنا وانتي عرفي والدتك!
_حاضر هقولها.. وحملت الفانوس مواصلة: هروح اوريها الفانوس!

راقب ابتعادها وهي تحمل الفانوس وابتسم وشعر كأنه شحن روحه بجرعة من السعادة لتلك الدقائق التي قضاها معها..وتنهد وهو يواصل ابتعاده متحمس لإنجاز كل شيء ليعود اليها في المساء!
____________________

ثلاثة ايام متواصلة عكف بها عامر لعمل فانوس مميز ليقدمه لها..لا يعرف كيف سيتثنى له مقابلتها وحتى ان حدث ربما لن تقبله..ورغم هذا قام بصنعه ليكون شاهد على مشاعره نحوها..وبيوم ما سيخبرها كيف كان يعتبرها جزء من حياته وتخصه حتى قبل ان يقترن بها..هذا يقينه وامنيته الغالية..جوري أصبحت فتاته التي يتمناها ولن يدخر وسيلة ليصل إليها..مهما عاندت وقست بڠضبها وعقابها سيتحمل.. فملاكه تستحق كل الصبر..!

_ الله على الابداع!

الټفت لوالده وابتسم له: بجد يا بابا ابداع؟ يعني شكله حلو
_حلو جدا ما شاء الله ..عامله لأختك؟
_ايه يابابا هو انا كل اما اعمل حاجة تقولي عاملها لأختك؟
والده بمكر: امال عامله لمين ياشقى!
_ لصاحب نصيبه..بتاع سماح عملته من بدري..انما ده..!
_ده ايه؟
صمت عامر ناظرا للفانوس دون ان يجد ردا ..فاقترب ابيه الذي يفطن جيدا لحاله وتغيره وقال: هي تستاهل السرحان والاهتمام ده كله؟
رمقه الأخر بريبه متسائل: هي مين دي؟
_ اللي واخدة عقلك ياحبيب ابوك!
رفع عامر حاجبيه هامسا كأنه يحدث ذاته: يافضحتي! هو انا مكشوف اوي كده؟!
ضحك والده: في حاجات محدش يقدر يخبيها..وبعدين تخبي ليه من أساسه ياعامر؟ ده احنا نفرحلك يا ابني ويوم المنى لما نروح نخطبلك!..يلا قول هي مين؟ امك تعرفها؟

تنهد وأومأ برأسه نفيا، فاستطرد ابيه: طب احكي مين هي ولو تحب كلامنا هيكون سر..!
_بجد ياحج؟ ولا هتروح تسيحلي؟
نكزه أبيه على جانب رأسه: احترم نفسك ايه أسيحلك دي..!

_ماشي يا كبير هقولك كل حاجة من البداية!
وراح يسرد له المواقف التى حدثت بينهما حتى انتهى بجملة:

وطبعا من وقتها وهي زعلانة ورفضت هديتي واخدت عنى فكرة هباب ومش لاقي اي فرصة اصلح الفكرة دي واكلمها..وموضوع اني اخطبها قبل ما اصلح اللي فات مستحيل لأنها هترفضني يا بابا من غير تفكير..حتى أخوها اكد كلامي!
_انت كلمت اخوها؟
_عرفته نيتي بس يا بابا مش أكتر لأن ربنا عالم انا واخد الموضوع جد ومش بهزر..!
ربت على وجنته متمتما بحنان: وجه اليوم اللي قلبك يدق ياعامر..على كل حال متخافش اكيد لو فيها خير ربنا هيطوعها ليك..!
_يارب يا بابا ادعيلي
_هدعيلك يرزقك بالخير يا ابني
_ وهي خير والله يا بابا ..دي قلبها ملاك..وبت بسكوتة كده في نفسها
ضحك ابيه: لا ده انت واقع لشوشتك..ربنا ينولك اللي في بالك ونفرح بيك!
رفع عامر كفيه للأعلى مؤمنا:آآ مييين!
_________________________

في المساء في إحدى المولات!

_لسه پتخافي وسط الناس يابلقيس؟

أجابت وعيناها تتابع المارة حولها: لأ..!
_عشان انا معاكي؟

الټفت له بعد برهة صمت وهي تطالعه: ده سبب من الأسباب..وجودك معايا بيطمني!
_يعني لو مشيت دلوقت وسبتك مش هتخافي؟!.

قبضة اعتصرت قلبها لقوله..مجرد افتراضه لتركها اصابها بغصة مؤلمة وغربة فهتفت وعيناها تعكس خۏفها لفقدانه من عالمها: ماتقولش انك هتسيبني تانى!

تأملها ولا يدري هل يفرح لتشبثها به؟ أم ېخاف عدم قدرتها على مواجهة العالم دونه؟ أحيانا تحيره..وهو يراها واثقة ومنطلقة كما كانت في الصباح..وتارة يسكن شمسيها خوفا كما الآن!

_مش هنروح نشوف الهدايا..!

اخرجته بصوتها من أفكاره فنفصها من عقله واصطحبها لتبدء جولتهما وتنتقي ماتشاء للأقارب..ومضى الوقت معها سريعا وممتعا لأقصى حد..وحان وقت عودتها للبيت!
______________________

الأجواء هادئة بالشركة اليوم، يزيد يتفقد احدي المواقع وياسين لم يأتي..لا يعرف لما يشعر بالملل والضجر يصيبه..منذ حديثه هو وأمونة بالأمس ويشعر بافتقاده شيء..والأغرب انه تمنى أن يمارس مع أحدهم تلك العادات الدفء..والدته شخصية رزينة لحد كبير كل شيء لديها له معاير وأصول..!
تنهد أحمد وعاد لعمله بحماس فاتر وحاول نفض تلك الأفكار الغريبة ومؤكد سيتحسن مزاجه بعد قليل!

سمع طرقات على باب مكتبه فدعى الطارق للدخول!

_أمونة؟!!!
ايه يابنتي انتي مش أجازة انهاردة؟.

تمتمت بمزاح: اعمل ايه واحدة فقرية حتى يوم اجازتي جاية الشركة!
وقارنت قولها وهي تضع بعض الأشياء على سطح مكتبه مغمغمة: بقولك ايه فضيلي المكتب ده عشان نشتغل
احمد بدهشة: نعم؟ مكتب ايه اللي افضيه؟ وبعدين شغل ايه؟
لم تجيبه وهي تلتقط قماش الخيامية ومقص وصمغ وخيط غليظ وتصعهما على سطح مكتبه!
فهمس وعيناه تتفقد ما احضرته: مش فاهم! مش دي الحاجات اللي اشترتيها امبارح؟
_أيوة مش كلها طبعا.. انا عملت زينة كتير في بيتنا ولسه هكمل..بس ....
وصمتت بتوتر قالت بعدها: بصراحة بعد كلامك امبارح حسيت انك اتمنيت تعمل مع حد حاجة زي كدة وتعيش الجو الرمضاني ..فقلت ليه مانعملهاش سوا ونزوق مكاتبنا هنا في الشركة؟ حتى سيرين هتيجي تساعدنا وتزوق معانا بعد مايخلص وقت شغلها..عشان نبقى لمة..وكده ياسيدي تكون عيشت اجواء رمضان على أصولها..ايه رأيك؟

برقت عيناه بنظرة اربكتها مع صمته وهو يطالعها..فتمتمت بمزاح لتزيل حرجها الذي قاومته منذ اتتها الفكرة أمس وهي تصنع الزينة..شعورها انه افتقد شيء بسيط كهذا احتل تفكيرها طول الوقت..فتسائلت لما لا تقدم له تلك الفرحة البسيطة..هو بالنهاية زميل عزيز عليها والأمر لا يستدعي الخجل!

_بس لعلمك المكتب هيتقلب ويبقي شبه شارع الحسين والسيدة زينب موافق ولا هتقول بهدلتوا الدنيا وبلاش ۏجع دماغ؟

نفض عنه شعور غزاه بشكل مستحدث عليه ولن يقف عنده كثيرا الآن.. وهتف مجاريا مزاحها : ۏجع دماغ ايه ياباشا..انا خدامك انهاردة وهكون مساعد شاطر..
_اما نشوف لعلمك شغلنا هيتصور وهنحكم يزيد مين زينته احلى يعني اشتغل بضمير!
_بس ده ظلم..انا لسه جديد في الكار وعمري ماعملت زينة..وانتي فيها خبرة!

همست برقة :أنا هعلمك يا احمد!

صمت مرة أخرى لتضوي عيناه ويغزوه ذات الشعور.. ثم نفضه عنه وبدء معها الغوص بأجواء رمضان وراحت تشرح له كيف يقص الأشكل ويجمع قطع الفانوس ويغلفه بالخيامية
بينما هي تحدثه باندماج ليفهم..كان يتأملها وكأنه يراها للمرة الأولى!
______________________
"الله هالله! 
جنابكم سايبين الشغل وقاعدين تعملو زينة في الشركة يا احمد انت وأمونة؟؟"

احمد وهو ينفض عنه بقايا الورق : ياعم الدنيا هادية ومافيش شغل دلوقت..وبعدين تعالى عشان تحكم بيني وبين امونة في الزينة اللي عملناها !

هتفت الأخيرة: بس اياك تنحاز لصاحبك وربنا ابوظ شغلك ومعلقش زينة رمضان في مكتبك!!
_ نعم انتي هتعلقى زينة عندي كمان من غير ما اعرف؟

هتفت بمزاح: فك كده يا يزيد وخليك فرش ورمضان كريم ياعم العاقل وتعالى اتفرج وقول رأيك!
واستطردت بحماس: بص مش هنقولك ده بتاع مين..قول الاول انهي احلى عشان اضمن انك مش هتغش
يزيد بامتعاض: اغش؟؟ ماشي يا استاذة
أحمد وهو يشير له بغمزة عين خبيثة: ايوة يا يزيد اوعي تغش..ها؟ قول مين احلى؟

صاحت أمونة بعد أن فهمت حركته الماكرة پغضب طفولي: انت بتعرفه حاجتك وفاكرني مش هفهم؟ بطل خبث يا احمد بدال ما اقطع الزينة كلها..وربنا انا عيلة واعملها..!

ضحك احمد : اوعي تفهميني صح
خلاص والله مش هتكلم..يلا يا يزيد اتفرج واحكم بنا..!

تفقد يزيد ما صنعوه ثم قتل بعد برهة: الاتنين وحشين..اخواتي بيعملوا زينة احسن منكم..كاتكم خيبة..مهندسين فشلة في الزينة!

أمونة بغيظ: بقى كده؟ طب ورينا يا استاذ شغلك وخلينا نحكم..

يزيد بكبرياء باطنه المزاح: طب وسعوا واتعلموا واستفيدوا .. بس لو حد دخل علينا هيبقى شكلنا مسخرة!
أمونة: متخافش سيرو واخدة بالها..يلا ورينا الهمة..ولو طلع شغلك وحش هعملك ڤضيحة بجلاجل!

تابع أحمد وامونة ما يفعله بدهشة..!
متى تعلم رفيقهم العاقل كل هذا الأبداع؟؟؟
____________________

_شوفت يابابا الفانوس اللي ظافر جابهولي!

تأمله بإعجاب حقيقي وقال:ماشاء الله ذوقه حلو جدا..يا ابن الأيه ياظافر شكل فانوسك احلى من فانوسي!

بلقيس بفضول: انت جبتلى فانوس يا بابا؟ هو فين!
وقارنت قولها وهي تتلفت حولها ربما تجده
فضحك لفضولها: بتدوري على ايه استنى غمضى عينك الأول!
فعلت متحمسة لترى هدية أبيها..وبعد لحظات أمرها أن تفتح عيناها..لتجده أمامه فشهقت وهي تضع كفيها على وجنتيها هاتفة: يالهوى..ايه الفانوس ده!
_ايه معجبكيش؟
_معجبنيش ايه يا بابا ده يجنن ..ثم تعلقت بعنقه وانهالت عليه بالقبل وهو يضحك فهتفت دره التي تتابعهم وقلبها يرقص من فرحته:
عيني عليا محدش معبرنى ولا الأب ولا بنته!

جذبها عاصم لتقتسم صدره مع بلقيس ولثم جبينها هاتفا: وانا انساكي يا درتي..انتي كمان جبتلك هدية..وبنفس الطريقة امرها ان تغلق عيناها لتفتحها بعد لحظات متفاجئة بفانوس صغير كما تفضل ان تضعه جانب فراشها..فدعت له بدوام وجوده بينهما..! بينما شاكستهم بلقيس: ياجماعة طب استنوا اما امشي عيب كده
ضحكوا وعيناهما تقطر حنان لها فواصلت: المرة دي انتوا اللي هتغمضوا عينيكم..صمتوا ينظران بدهشة..فعادت عليهم طلبها: يلا يا بابا انت وماما غمضوا بقى!

اطاعوا فذهبت لتحضر هديتها..وما أن رآوها حتى ترقرقت عيناهما برد فعل وحيد دون كلمة وبصرهما ينتقل بينها وبين هديتها..فهتفت بقلق: انتو هتعيطوا؟ طب ليه انا قصدت افرحكم والله..يعني هديتي وحشة؟

تلقفها أبيها واعتصرها بين ذراعيه غير قادر على التفوه بكلمة..لا يصدق انه عاش لتلك اللحظة وابنته تعود كمان كانت بنفس مرحها وشقاوتها ودلالها ورقتها..ابنته عادت لتملأ دنياهم من جديد وكأن شيئا لم يكن..شعر ان كل آلم داخله انمحى وصار سرابا..وحيدته بين جناحيه محمية من كل شيء .."ولى" الحزن و"آتت" الفرحة راكضة إليهم لتعوضهم ما فات..لم تكن دره اقل منه تأثرا

ثم أمسكت بكف كلا من والديها ورمقتهما بنظرة تشوشها العبرات ثم قالت:
_ انا عارفة اللي كنتم فيه بسببي وعشاني..عارفة ازاي اتعذبتم وقد ايه بكيتوا..ومهما اعتذرت انى عرضتكم للأزمة دي مش هقدر امسح اللي فات..لكن اللي جاى هعمل حاجات كتير تسعدكم وتفرحكم بيا..أنا ثمرة حياتكم زي ما دايما تقولوا..والثمرة دي هتكبر بحبكم ورضاكم عليها..!

وصمتت برهة واستأنفت: اوعدك يا بابا وأوعدك ياماما.. مش هيحصل حاجة تبكيكم تاني..حتى لو حاربت اللي جوايا وسكتت عقلي ولجمت أي مشاعر عايزاني انبش في اللي فات..هسكتها عشانكم لأني متأكدة زي ما ربنا نجاني بدعواتكم..هينتقملي من اللي أذاني لو لسه موجود!
وعايزة منكم وعد انكم ماتبكوش تاني وتنسوا اللي فات كأنه محصلش..!

تعانقوا ثلاثتهم وقلوبهم هي من أطلقت الوعود في الصدور..ولا يعلمها إلا الله..!
_________________________

_يلا ياعابد علمني بسرعة قبل ما مهند يصحى
_طب وليه نيمتيه يا بنتي..كان عمل معانا زينة
_عمل ايه ده كان هيقطع كل حاجة..هو شوية وهيصحي وماما هتجيبه مش بيطول في نومه
_طب ومحمود فين مش قال هيقعد يتعلم معانا كام شكل؟
_بيتكلم في التليفون مع اصحابه..يعني انسى يخلص دلوقت..خلينا نبتدى احنا..!
_ماشي ركزي معايا هعلمك حاجات جديدة عشان تكسبي(تحمست قائلة: مركزة اهو..!)

وراح يعلمها كيف تفعل عربة الفول وشكل مدفع رمضان وعدة اشكال أخرى بالعرائس..وهي منبهرة بما يفعل!
_مين علمك الحاجات دي يا عابد؟
_النت مع لمستي الخاصة وتطويري لكل فكرة..!
_كل سنة بتعملوا المنافسة دي
_ ايوة..ويزيد كان بيكون الحكم لأن مالوش فيها بس كان بيتبسط اوي من نقارنا مع بعض.. وبابا وماما وخالتي واستاذ ناجى كان بيكونو معانا.. يعني في النهاية كلنا بنستمتع سوا..!
_دي أحلى متعة في الدنيا..ماما كانت بتعملنا الزينة التقليدية وكنا بنفرح اوي..بس بصراحة هنا الدنيا مختلفة معاكم..
_ولسه هتنبسطى اكتر لما ننزل القاهرة نقضي اخر اسبوع عند عمي عاصم ..هوديكي السيدة زينب ونتسحر هناك..هتنبهري على حق!
_يااااه شوقتني من دلوقت..! انا كنت بجيب فيديوهات على النت واتابع اجوائها..ونفسى اروح هناك انا ومهند

ابتسم بحنان هامسا: أى حاحة نفسك فيها اطلبيها منى وهعملهالك..!
ابتسمت شاكرة له.. ومن ثم بدأ يشرح لها صنع الأشكال بطريقة مبسطة..وهي تطبق خلفه حتى انتهت من إحداها هاتفة: شوف بقى عملت شكل عربية الفول اهو..طلع صح؟
_الفنش مش مظبوط..جربي تاني وهيطلع افضل!

مضى الوقت وهما يثرثران بذكرايات طفولتهما عن هذا الشهر وهي تعيد صنع ما علمها حتى اتقنته ورأت الرضا بعيناه عن ماصنعت! وانتابتها سعادة جمة وشعرت كأنها تحى طفولتها بتلك الأجواء..!

ومن بعيد تتوارى عبير تراقبهما بعين ثاقبة وقاب يتمنى الكثير لهما..عابد يفرض وجوده حول ابنتها بطريقة لا تغفل عنها..ترى حب زمزم ينضح من عيناه وابنتها غافلة او تتظاهر بالغفلة، هذا ظنها..فغير معقول ألا تكون مدركة اهتمامه..ولكن هل ستظل متجاهلة الأمر؟ أم سيحدث ما يحرك قلبها الساكن؟
رمقت الصغير فوق كتفها وغمغمت: أنا وانت بس اللي فاهمين ياهوندا وماما عاملة عبيطة صح؟
ابتسم الصغير دون إدراك لما تقوله الجدة..فاحتضنته وتوجهت إليهما تشاركهما ما يفعلاه..!
.............
_عايزة اعمل زينة معاكم يا ولاد
_تعالي يا ماما شوفي عابد عملني ازاي اعمل عربية الفول..ومدفع رمضان..قولي رأيك!
_يجننوا طبعا..يلا ياعبودي علمني انا كمان..!
_طب هاتي مهند طنط وحشنى اوي

والتقطه والصغير عيناه تزوغ على ما يفعلانه بفضول وانبهار محبب حتى التقطت يداه الصغيرة بغتة العربة التى صنعتها زمزم وتمزقت بين يديه.. فشهقت وهى ترى مجهودها يضيع هاتفة شبه باكية: ياخسارة تعبي فيها..شوفت مش قولتلك مهند مش هيخلى حاجة في مكانها. !
ضحك عابد واجابها: خسارة في ابنك يعنى..اعملى غيرها واعتبريه تدريب!

وأعطى مهند بعض قطع الزينة الملونة وقال له:
اعمل انت دول ياهوندا وسيب بتوع ماما اتفقنا؟

الصغير وهو يقلد كلمته بطاعة: "فقنا"..!

ضحكوا لطريقه نطقه المحببة وقبلته عبير قبلة مطولة هاتفة: روح تيتة وقلب تيتا يا ناس..طب قول عبير ياهوندا..!

الصغير ملبيا: "بير"

ضحكوا جميعهم لتعيد الجدة تلقينه: قول محمد!

الصغير: "ممد"..!

وبعد مزيد من ضحكهم لقنته عبير بمكر: برافو عليك يا قلب تيتة..طب قول "زمزم وعابد"

الصغير: "مم".." آبد"..!

_________________________

_عشان خاطري يا ظافر تعالي افطر معانا اول يوم 
_يا بلقيس خالي عازمنا اول يوم وانا هاجيلك تاني يوم عند باباكي انا وماما وإيلاف!
نفسي تفطر معايا عند عمو أدهم اول يوم..حاول طيب!
_مش هينفع ومش هتفرق اول من تانى يوم..
صمت برهة ثم همست بحزن: ماشي براحتك
_انتي زعلني؟
_لا عادي!

اقټحمت درة الغرف بعد طرقة قصيرة وهتفت: بتكلمي مين ياحبيبتي
_ بكلم ظافر يا ماما
_طب سلمي عليه
حدثته عبر الهاتف بصوت فاقد الحماس: ماما بتسلم عليك
_ الله يسلمها هاتيها اسلم عليها
بلقيس: ماما اتفضلي ظافر هيسلم عليكي
ثم همست لها بخفوت: ماما الله يخليكي قولي لظافر يجي يفطر معانا أول يوم بقوله ومش راضي وانا زعلانة اوي
ابتسمت وهي تربت على وجنتها وطمأنتها بنظرة سريعة و
التقطت الهاتف وقالت: ازيك ياحبيبي كل سنة وانت طيب
_وحضرتك طيبة
_ايه مش هنشوفك اول يوم؟
_منا هكون عند خالي هو عازمنا وهيزعل لو مافطرتش معاهم ..وبلقيس زعلانة وانا مش عايزها تزعل..ياريت تفهميها
_هي شكلها زعلان فعلا..طب انا عندي اقتراح وسط
_ايه هو؟
_ليلة اول سحور هتكون عندنا كله هيكون موجود..ايه رايك تيجي انت ومامتك وايلاف تسهروا معانا؟ لعلمك سهرة هتعجبك وهنتسحر سوا والفطار عند خالك زي ماهو. وتكون كده رضيت الكل.. 
_ والله هي فكرة كويسة
_خلاص انا هتصل بوالدتك اعرفها واعزمها..واحنا بكرة بإذن الله مسافرين المنصورة!
ثم ضحكت وهي تحدثه:
لو  تشوف بلقيس ازاي وشها نور والابتسامة من الودن للودن عكس تكشيرتها من دقايق بس لمجرد انك هتسهر معانا اول ليلة!
ابتسم بحنان وسعادة لاهتمامها لوجوده الدائم حولها
وتمنى ان يراها بذات اللحظة..!

دره: خد اهى معاك!
........ ..
همس بصوت حاني: مبسوطة دلوقت ومش زعلانة؟
هتفت بحماس: مبسوطة اوي اوي 
ضحك بخفوت: ماشي يا ستى..كويس ان مامتك انقذتنى من الموقف ده..يلا نامى بقى عشان هتسافري بدري..تصبحى على خير!
همست: وانت من أهل الخير يا ظافر..!
________________

ايه ده يا رودي بردو قومتي؟ مش قولتلك ارتاحي وانا هعمل كل حاجة وفين رحمة؟
_ متخافش ياحبيبى انا كويسة وابتديت اتحسن..ورحمة رضعتها ونامت ثم اقتربت منه وقالت..بصراحة وحشتني من يوم ولادتي مش عارفة اهتم بيك وقلت اعمل العصير اللي بتحبوا من ايدي ونشربه سوا ونرغي شوية فرصة قبل ما بنتنا تصحي
_ طب ارتاحى وانا هعمله.
لأ سيبني اعمله انا وروح غير هدومك وتعالى
..............
تسلم ايدك ياحبى..تعرفي انا فعلا ادمنت العصير بتاعك مهما دوقت غيره بحسه احلى
_ لأني بعمله لحبيبي لازم يطلع حلو

حسيت بيك يا رائد..امبارح صحيتك وانت مڤزوع..
وواصلت وهي تعود لصدره: عشان كده قلت نسهر سوا اكيد بعدي عنك وانشغالي برحمة خلى عندك فراغ ورجعت الافكار والكوابيس تضايقك تاني!

_ لأ..هتشوف رودي جمبك ورحمة بنتك بتضحك وتلاعبك بإيدها وتنونو زي القطط..
ضحك بسعادة: مش قادر اوصف احساسي لحد دلوقت..الضنا ده غالي اوي ونعمة كبيرة..انا مجرد اسم رحمة بقي يسببلي سعادة يارودي
_ طبعا ياحبيبي مش بنتك اللي هتبقى حبيبة ابوها وتاخد مكانى في قلبك
_ لا ياعمري انتي حاجة تانية
وهم بتقبيلها فصدح صړاخ الصغيرة..فهتف رائد بإحباط: مش بقولك البت دي قاصدة في اللحظة اللي هى ټعيط..كأنها بتغير

ضحكت وجذبته ليروا الصغيرة..فحملها رائد وراح يهدهدها ويقول: حبيبة بابا سكتت عشان شايلها؟ يعنى انتى عارفانى يا روحي؟  كل سنة وانتي طيبة يا جتة من قلبي..بابا هيجيبلك فانوس رمضان ..وكل سنة هجيبه لحد ماتكبري وتلعبي بيه وتحفظي الأغانى بتاعته وتغنيها معايا..!

_طب وانا..عايزة فانوس ماليش دعوة!
_من عيونى ياحبيبتي..بكرة  لو قادرة تخرجي هنروح نجيب اللي انتى عايزاة.. أيهم اخويا قالى في واحد مصري هنا بيعملهم للمصريين..هنروح ونشتري!
لثمت وجنته هاتفة: كل سنة وانت طيب ومايحرمناش منك انا ورحمة يا حبيبى!
_ولا منكم ياقلبي!
_______________________

في الهاتف!

عابد: اوعي تتأخر  على أول سحور عند عمك عاصم..انا عاملكم قبلها سهرة ايه جامدة وهتحلفو بيها ..لازم تيجي! كله هيكون موجود حتى ظافر وعيلته جايين!
_يابني جاى والله متخافش..أنا وحشنى سهراتك..وعلى فكرة جبتلك النضارة اللي طلبتها مني!
عابد: تسلملي يا كبير
وتردد برهة ثم حسم أمره قائلا: 
بقولك ايه يا يزيد..لسه عندك حساسية من ظافر ؟

صمت بضع ثوانى ثم قال بهدوء:
بص ياعابد أنا وبلقيس  مش اول اتنين مايحصلش بينهم نصيب..والخير ربنا بس اللي عارفة لينا..انا نفسي صافية من ناحية بنت عمى وبتمنالها السعادة..وظافر شاب محترم و هيبقي واحد من عيلتنا واخ لينا وبلقيس زي جوري..ماتقلقش اخوك تجاوز كل ده الحمد لله كل حاجة تحت السيطرة!
تنفس عابد الصعداء:
_يااااه طمنتني بصراحة كنت قلقان عليك..ربنا يسعدك يارب ويريح قلبك الأبيض..! بس تعرف كان نفسي تكون موجود واحنا بنعمل الزينة كنت هتتبسط اوي
_ منا ليا نصيب اعملها هنا
عابد باستغراب: ازاي؟ 
شاركت أحمد وأمون ومسحتهم يا ابني..هبعتلك صور اللي عملناه في مكاتبنا الخاصة

ضحك عابد: يعنى تعليمي ليم وتعبي مارحش هدر ياكبير
يزيد ضاحكا: لا رفعت راسك كنت بشوفكم وادكن الطريقة في مخى ( وواصل) يلا هسيبك بقى  عشان عندي شغل ..في رعاية الله!
_ ماشي ياكبير مع السلامة!
________________

كريمة: اظن انتي مشتاقة لرمضان في مصر ياعبير
_يااااه مشتاقة بس؟..ده انا عاملة زي العيال الصغيرة خليت محمد جابلي فانوس من ابو شمعة بتاع زمان وحطيته في أوضتي وصدعت دماغه بأغانى رمضان ..وطبعا مش سالمة من لسان ابني محمود..كل شوية يقول لأبوه..تجيب لمزتك فانوس وولادك لأ 
ضحكت كريمة: والله الواد حودة ده عسل..!
فدوى متسائلة: طب كنتي بتعملي ايه هناك في رمضان؟
_كنت بلم الولاد قبلها بأسبوع ونفضل نقص في ورق ملون ونقص فوانيس ونعمل فروع كتير..قد ما قدرت كنت بحاول اعيشهم طقوسنا..! معادا حاجة واحدة مقدرتش الاقي بديلها
كريمة: ايه هي؟

_المسحراتي وهو بيلف على البيوت ينده أسامينا  وأسامى ولادنا وحبايبنا..رنة طبلته اللي كانت كلها فرحة للكبير والصغير..الغربة غربة بردو..واكتر واحدة كان نفسها في المسحراتي زيي هى زمزم..!

"أصحى يا نايم وحد الدايم ورمضاااااااان كريييييم"

تباغتوا ثلاثتهم بصوت عابد يقلد المسحراتي وهو يدق على طاولة خشبية جوارهم فضحكوا وبرقت عين كريمة لرؤيته ومرحه الذي يضفي دائما بهجة لمن حوله.. وهتفت فدوة: كل سنة  وأنت طيب ياقلب خالتك يافاكهة العيلة كلها..
_حبيبتي يافدوة وانتي طيبة ياغالية..ولثم رأسها كما فعل مع والدته وزوجة العم..ثم قال:
أنا لقيتكم مختفيين وجيت وسمعت اخر كلام طنط عبير فقلت احققلها امنيتها..ثم قال باستعراض كوميدي:

"زورونا تجدوا ما يسركم!"

ضحكت عبير: ربنا يسعد قلبك ياحبيبي..قولى في مسحراتي هيعدي هنا كل يوم صح؟
احابت كريمة: أيوة عم صالح هو مسحراتي منطقتنا..هو اصلا عنده محل بسيط بس في رمضان بيشتغل مسحراتي..حابب المهنة دي ووارثها عن أبوه!
عابد: وبيقول كل اسامينا كل ليلة..وفعلا ياطنط رمضان من غير  المسحراتي ناقص كتير..!

_ بتقولوا مسحراتي؟؟؟

قالتها زمزم بفضول وبجوارها جوري وعطر ..فأجابتها عبير: ايوة ياقلبي اخيرا هتشوفي المسحراتي!
تمتمت بحماس: وهينده على مهند؟
جوري: طبعا عمو صالح ده راجل سكرة..انا هروح اقوله على الأسامي الجديدة الي هيقولها ..وهعرفه بيتكم عشان يقف عندك وينادي يا هوندا..!
عابد: منا عديت عليه خلاص عرفته
زمزم: بجد ياعابد؟ امتي ماجبتليش سيرة!
_قلت اعملها مفاجأة بس خلاص كل شيء انكشف وبان
عطر: عمو صالح بيقف ينده علينا كلنا..وساعات انا وجوري بننزل نتمشى حواليه ونتفرج على الولاد الصغيرة وهما وراه بفوانيسهم
فدوة: رغم ان في حاجات كتير انقرضت في عادتنا بس الحمد لله هنا لسه محتفظين بيها وبنعيشها..ربنا يبلغنا جميعا رمضان على خير..!

آمنوا جميعهم على دعائها. وهتفت عطر لتشاكس جوري:

_عابد خليه يقول باشمهندسة عطر
نكزتها جوري: ياشيخة اتلهي مش لما تتخرجي الأول
عطر بمكايدة: ماشي ياتجارة
_ يابنتي انا دخلت تجارة بمزاجي..اصل طموحي اتجوز واقعد في البيت!
قهقه الجميع لقولها ومازحتها عبير: جبتى من الأخر يا جوجو
_مش كده يا طنط..قوليلهم يجوزوني بقى
_______________________

كيف سيكون لقاء بلقيس بأعمامها  واستقبالهم لهداياها؟
وماهى السهرة المميزة التى ينظمها عابد للجميع؟
وكيف ييتعامل يزيد وظافر
انتظروا الكثير من أجواء رمضان في البارت الاخير من الجزء الاول لرواية حصنك الغائب!

الفصل الثلاثون 
_________

مابين ضياع وخوف وحزن وهشاشة روح!
عادت بلقيس لمدينتها الأولى.العم أدهم الذي اعتصرها بين ذراعية دون إذاء باكيا لرؤيتها مغمغما بصوت متهدج ( نورتي يا حبيبة عمك) والعم محمد البشوش الحانى أيضا بعناقه المميز وكلماته المداعبة ( أهلا بنت الغالي وجميلة المنصورة)..لتنتقل من عناقهم د زوجات العم..أولهم العمة كريمة التى 

وبعد الكثير من العناقات وتبادل التهاني بحلول الشهر المبارك..تفرق الجميع لإقامة احتفالهم المميز وطقوسهم المعتادة.." زينة رمضان"..تنفاس مبهج ومضحك لا يخلو من مشاكسة عابد لجوري وعطر..ورقة زمزم التى تتحفظ احيانا بالمزاح ولا تجاري سوى عابد..ولهذا الأمر وقفة فضولية منها فيما بعد..اما التي حيرتها تماما كما في السابق.." عطر" ابنة العمة فدوة والرجل الوقور "العم ناجي".. استقبالها خلى من الحفاوة..بنظراتها أشياء غير مفهومة لديها..وهي أيضا سيكون لها معها وقفة وربما تعارف جديد..هي تريد بناء أواصر جديدة بين الجميع..أواصر تناسب شخصيتها الأخرى..بعد أن أثقلتها المحڼة وعلمتها قيمة حصن العائلة المنيع الدافيء أكثر من زي قبل!
________________________

عبير: محمود ابني محتاس وسطيهم ياعيني..عمل فرع خيامية بالعافية وكل اما بعمل حاجة مهند يقطعهاله!
دره: فكرنى بيزيد..ماكانش بيشارك اوي بس كان بيحكم بينهم في الأخر ويقول مين فاز!
ضحكت كريمة:فعلا ابنى تقيل في نفسه كده..بس ماتقلقيش على محمود ياعبير عطر في فريقه يعني هيكسب!
فدوة: انا عرفت ليه عابد اللئيم قسمهم كده..عشان يشيلو بعض!..
دره: وياسين عامل طقم فانوس خيامية مع هلال ونجمة مبطنين شكلهم تحفففة..انا هاخدهم منه..حجزتهم خلاص!
فدوة ضاحكة: ده فضل يدرب عليهم ويقولى عشان عابد مايكسبوش ويتريق..!
كريمة: تفتكروا مين احلى لحد دلوقت؟
درة: والله أنا شايفة كلهم مميزين!
عبير: بس أنا عاجبني عربية الترمس اللي عاملاها جوري..تجنن
كريمة: وعربيه القطايف بتاعة عطر فظيعة
فدوة: والمدفع وعربية الفول بتوع زمزم يجننوا
بصراحة صعب نحكم!
دره: وانا بنتي قاعدة تتفرج عليهم..وتهزر مع عابد!
ربتت كريمة على كتفها: حمد لله على سلامتها يادره..مش قولتلك هيجي اليوم اللي تخف وتكون بخير
تنهدت الأولى مغمغمة وعيناها مصوبة عليها:
الحمد لله ياكريمة..ربنا عالم العڈاب اللي عيشته انا وابوها

عبير: معلش المهم انها بقيت كويسة..واهى وسط ولاد عمامها بتضحك ومبسوطة..وكمان مخطوبة لشاب محترم..!
دره: اه والله ياعبير..ظافر شاب مافيش منه..ربنا يسعدهم..ويفرحنا كلنا بولادنا..!

آمنوا جميعهم على الدعاء..فهتفت فدوة:
طب ماتيجو نشارك العيال بدال القعدة دي؟
كريمة: لا أشارك مين أنا اخري اتفرج..
دره: وانا نفس ماقالت كريمة
عبير ناهضة: بقولكم ايه انا واحدة كنت متغربة ومحرومة من الطقوس دي..هقوم اعمل معاهم وخليكم انتوا للفرجة
فدوة: استنى خديني معاكي!
ضحكت كريمة ودره ولبثوا يثرثران وهما يتابعان الجميع باستمتاع!
____________________

محمد : عمري ماشوفت عيالى فرحانين كدة..بصراحة الجو الرمضانى هنا مالوش حل!

أدهم: الحمد لله انك مبسوط وعارف انك كنت محروم من كل ده..حتي مراتك شكلها هايص وقاعدة تعمل الزينة مع الولاد هي وفدوة مرات ناجي!
همس الأخير باسما: اصل فدوة ټموت في الزينة..عملت الهوايل في بيتنا هى وعطر وحولوا البيت لخيم رمضانية
عاصم: محدش مابيفرحش بالزينة كبير وصغير بيحب يعملها
ادهم: بس كويس ان زمزم شاطرة وعملت عربية فول حلوة
عاصم: وعطر عاملة بتاع القطايف تحفة بصراحة
محمد: لكن جوري بقى نسفت الكل بعربية الترمس
ادهم ضاحكا: دي لو سمعت كلمتك انها نسفتهم هترقص وتتنطط من الفرحة 
عاصم : بس اركن كل دول على جمب قصاد البرنس عابد..استاذ ومتميز في كل حاجة..طالع لعمه عاصم!
أدهم ضاحكا: طبعا يا اخويا هو فعلا بيحبك وواخد منك حاجات كتير
محمد:ربنا يحميهم كلهم ويفرحنا بيهم!

الجميع: اللهم أمين!
_______________________

يوم الرؤية!
بعد تبين الهلال وتأكيد علماء الفلك بحلوله في اليوم التالى..بدأت مراسم الاحتفال الذي نظمه عابد للجميع!
.............
عبر الهاتف!
عابد: ايه يا يزيد فينك لدلوقت؟
_جاي اهو نصاية اكون وصلت!
_تيجي بالسلامة ياكبير..!
...... ...
مكالمة أخرى!
_ ازيك ياظافر..انت ماجيتش ليه الكل منتظر انت والحجة وإيلاف
_ جاي اهو ياعابد بس.....
_خير ياظافر قول
_انا بس هروح اوصل عامر لأقرب مكان عشان عربيته عطلت..اصله كان معايا انهاردة!
_عامر معاك؟؟؟؟ حلو اوووي خليه يجي بسهر معانا
_الحقيقة معرفش هينفع ولا ايه ده مستعجل وعايز يرجع القاهرة!
_لالا مافيش الكلام ده..هاتو وانا هكلمه!
عامر:السلام عليكم..ازيك ياعابد كل عام وانت بخير
_وانت بالصحة والسلامة يارب..اسمع وبدون اي اعتراض..هتيجي مع ظافر..الناس سهرانة وانت معزوم على السحور بتاع عمي عاصم
_لالالا ماينفعش لازم ارجع القاهرة عشان....
قاطعه عابد: أنسى..مش هتمشي..والله هتندم لأن انا محضر سهرة حلوة..مادام انت هنا تعالى عشان خاطرى..اللمة هتكون حلوة وهتعجبك
تنهد عامر متمتما: خلاص مش هزعلك..بس انا محرج لأنى هكون غريب وسطيكم..وانتم عيلة في بعض
_ غريب ايه عمامي كلهم عارفينك كويس..يلا هستناكوا ماتتأخروش!
.....................

ظافر بمكر بعد إغلاق الهاتق: بقى مش هتقدر تروح ولازم ترجع القاهرة؟
_والله فعلا اتكسفت..انا فعلا هكون غريب وسطيكم، ولولا بس انها فرصة اشوف جوري واكلمها كنت مستحيل احضر التجمع ده!
_على فكرة كلام عابد صح عاصم بيه واخواته ويزيد قبلهم عارفينك..ماتنساش ان انت اللي ظبطت عيد ميلاد مهند..وللسبب ده اتصاحبت على ياسين وعابد والجميع..فأنت فعلا مش غريب..وبعدين كله يهون مادام وصلت لغايتك..المهم تشد حيلك وتقنعها تسامحك وتقدم هديتك اللي سهرت تعملها عشانها..!
_ادعيلي ياظافر..!
_ ربنا يديها وتمشي انهاردة وانت مبسوط
عامر بحماس:عارف لو سامحتنى!..هخطبها من ابوها 
_ للدرجادي
_ايوة مش بهزر..
_ربنا ييسر..طب يلا عشان مانتأخرش عليهم..!
________________________

أمونة بدهشة: خير يا احمد قلقتني جدا لما طلبت انزلك دلوقت!
_أنا أسف مش قصدي تقلقى كده والله..بس بكرة رمضان وكان لازم اقابلك ( واستدار لحقيبة السيارة التي يقفان قربها وأحضر شيئا)

_كل سنة وانتي طيبة يا أمونة!

التقطت منه فانوس بصحبة هلال مغلفين بقماش الخيامية الذي تحبه..فنظرت له هامسة باستغراب:
ايه ده؟
ضحك ضحكة قصيرة: انتى فقدتي ذاكرتك؟
وواصل وعيناه تمنحها نظرة مابين الامتنان وشيء أخر لم تدركه في حينه: دي هدية بسيطة ليكي بعد ما اهدتيني وقت جميل وحسستيني بأجواء رمضان..ماتتصوريش فرحت بشوية الحاجات اللي عملناها وهزار انا وانتى ويزيد..انا حقيقي ممتن انك سبتى كل اللي وراكي وجيتي تقدميلى وقتك عشان حسيتى انى اتمنيت اعيش اجواء معينة!
وواصل: والحاجات اللي عملتها معاكي هحتفظ بيها ذكرى تفكرني بالوقت ده!

صمتت تطالع الفانوس ولا تعرف ماذا تقول..لأول مرة ينتابها هذا الارتباك والتوتر..أين انطلاق لسانها ومزاحها المعهود؟ لفتته أثرت بها..أحدهم اهتم لها وقدم شيء ليسعدها في مناسبة كتلك..وشخصية مثلها تقدر الأهتمام إذا منح لها من أحدهم.!

_ ودلوقتي تقدري تتفضلي مش هعطلك اكتر من كده
وأعاد تهنئتها: رمضان كريم يا أمونة!
___________________

عادت تصعد الدرج شاردة، فجذبتها رفيقتها مونى وقالت: ايه يابنتى مابترديش وماشية سرحانة ليه..بقول منين الفانوس ده وكنتي فين اصلا؟

التفتت لها وملامحها مشبعة بنفس التيه: ده فانوس
مونى متخصرة بتهكم: ياسلام؟!! لا افادتيني..منا عارفة انه فانوس..منين ده مش عندك فوق الفوانيس اللي عملناها انا وانتى؟

همست: بس ده اتقدملي مخصوص..!..في حد اهتم بيا وفكر يفرحنى
_حد!! ..حد مين؟
_ أحمد..!
رفعت حاجبيها ذهولا: أحمد؟ هو انتى كنتي معاه؟
تنهدت وهي تستعيد تركيزها المشتت: هو اتصل يقابلنى في مكان قريب..قلقت وروحتله..لقيته بيعيد عليا بالفانوس وبيشكرنى عشان خليته يعمل زينة رمضان معايا..هو شايف اني اهديته اجواء كان محتاجها..فعبر عن شكره بالفانوس ده!
_امممم ..عبر عن شكره؟...شكره وبس
هتفت بتهكم وهى تواصل صعود الدرج: امال هيكون ايه يافالحة
_حاجة تاني غير عم شكره ده...وواصلت بنبرة رقيقة ذات طابع مازح: اعجابه ..هيامه..اهتمامه..و...
قاطعتها: بس بس..اعجاب ايه وهيام ايه ده انتى خرفتي..احنا زملا من زمان واصحاب
_اصحاب؟ طب جاوبيني..عمر احمد اهداكي حاجة زي كده في رمضان
همست:لأ..!
_شوفتي ان عندي حق..أحمد معجب ومنجذب ليكي يا امونة
_لا انتي فعلا بتخرفي
_طب ماشي مسيرك ترجعى شغلك وهتشوفى ان تصرفاته معاكى هتتغير..!
_طب سيبينى يا ست كرومبو وروحى شوفى بناتك وجوزك..آل منجذب آل..!
__________________________

_شايف "رحمة" بتبص على أنوار الفانوس بتاعها ازاي
ابتسم وهو يرمق تبنته بحنان: طبعا يارودي جاذبها الوانه..كل سنة وهي معانا ومنورة حياتنا
_وكل سنة وانت طيب ياحبيبي..انا كمان الفانوس بتاعى يجنن..ربنا يخليك لينا
_ومايحرمنيش منكم..
وواصل: بكره احنا هنكون عند أخويا أول يوم رمضان
_عارفة ميرا اتصلت بيا..احلى حاجة هنكون لمة مع بعض واكيد هنتبسط سوا في رمضان
_أه والله اخويا فرحان اوي بيقول رمضان السنادي بوجودنا معاه هيكون مختلف..وعلى فكرة جاب لرحمة حاجات حلوة اوي اما نروح هنشوفها
_ان شاء الله ..يلا بقى ننام احسن انا تعبت
_معلش الچرح لسه جديد وانت صممتى تخرجى
_لا والله التئم بس الوقفة كتير بتتعبي..محتاحة شوية راحة وهبقى تمام
_طب يلا روحى خدي حمام دافي ونامى وانا هقعد مع بنتى شوية..مش رضعتيها؟
_ اه متخافش وغيرتلها البامبرز وهتلاقيها مصهللة معاك!
_ماشي..يلا روحى وانا هشيل المشترايات بتاعتنا في مكانها..!
_______________________

أكتمل حضور الجميع في فيلا عاصم.. وجميعهم استقبلو عامر بحفاوة لمجيئه مع ظافر الذي انبهر بالديكورات الرمضانية..حيث شيد عابد خيمة رمضانية كبيرة بإحدى أركان الحديقة مقسمة لقسمان..ليفصل الرجال عن السيدات لخصوصية التثامر..ثم أقام شيء أخر بزاويه أكبر من الحديقة.فتسائل: ايه ده ياعابد؟
_هتعرف دلوقت!
_ماشي بس اهنيك على اللي انت عامله ده..انت وصلتلى احساس مبهج جدا برمضان..مجرد القعدة هنا كل يوم بعد الفطار..عالم تاني..تسلم ايدك ورمضان كريم!
أما عامر فلم يقل انبهاره وهو يتمتم: ظافر عنده حق..انا مبهور باللي انت عامله
_شوفت عشان كده قولتلك هتندم لو مش جيت.!
وواصل:دقيقة وراجع ياشباب!
____________________

أدهم بتهكم: ماتش كورة ايه اللي هنلعبه يابني؟ انت مش شايف كرش ابوك؟؟؟
ناجي: ولا كرشي انا مايتخيرش عنك
محمد بحماس: طب والله فكرة جامدة ياجماعة..اهو نرجع ايام زمان اما كنت العب انا انت وعاصم وناجى بعد الفطار في رمضان..دي كانت احلى ايام!
عابد: الله عليك ياعمى احبك وانت معايا على الخط..ها ياعصومى ساكت ليه؟
عاصم برصانة: هو كل هبدة هتقولها هرد عليها..اتكلم وشوف مين هيعبرك..هو انا قادر اجرى..!

_ لالالا ياعصومى ماتقولش على نفسك كده انت جميل..والمزة فيرجينا جميلة الجميلات لو سمعتك هتاخد فكرة وحشة عنك
نكزه أدهم على رأسه: مزة في عينك قليل الرباية..ماتقولش كده على مرات عمك احسن عمك ينفخك!
محمد ضاحكا: محدش هيقرب لعبودي ده في حمايتي
عابد: أصيل يا ابو محمود
واستطرد بحماس: اسمعوا كلامى هنلعب ماتش قصير والله بس هتتبسطوا..اعتبروها رياضة والبنات والكل هيتابعونا ..يعني في جمهور عريض
أدهم: لأ مش لاعب
محمد: لأ هنلعب..مش هسمح لحد يبوظ ترتيب الواد..عيب تضيعوا تعبوا ده ظبط مكان الماتش وعملكم خيم تحفة تتسحروا فيها اول سحور..خلينا نجاريه والله كله هيتبسط..وواصل:
وبعدين عاصم وناجى وزنهم معقول..وانت يا ادهم شديد بردو.
عابد: وبعدين انا هقسم الفريقين واخلي شباب مع كبار..وظافر وعامر ويزيد هيبقوا معانا..!
محمد: يعني قولتلهم؟
_رايح اعرفهم ومش هخلي حد يرفض!
____________________

ظافر:هنلعب ماتش كورة؟
_ ايوة انت وانا هنكون في فريق عمى عاصم عشان تسند حماك ويشيلهالك جميلة العمر كله
ها ايه رأيك ياعامر؟
_موافق طبعا..أنا لاعيب قديم واعجبك
_ ايوة بقي شجعنى..ويزيد اخويا ومحمود ابن عمى معانا..يعنى الفريق جاهز وكامل..!
يلا بينا عشان نبتدي الماتش!
______________________

مفاجأة كبيرة حدثت لها وهي تراه بهذا الجمع العائلي! كيف أتى عامر إلى هنا؟ من دعاه؟ 
عطر هامسة في أذنيها: الحقى صاحبك هنا
نكزتها جوري: اتلمي ايه صاحبك دي..ولا اعرفه ولا هعبره
_تفتكري وجوده هنا صدفة؟
_صدفة ولا مش صدفة ماليش دعوة بيه..ركزي بقي الماتش هيبدأ أما نشوف هيلعبوا ازاي!
_________________________

لا يصدق أنه يرى صاحبة العيون الملونة التي رآها قبلا في المشفى حين تهشمت عظامه..هي ذاتها نفس الفتاة..لكن لما اختلفت عيناها؟ تبدو مختلفة عما رآها..يبدوا انها تخفيها "بلينسيز"..وكم تمنى الا تفعل ليرى عيناها مرة أخرى!
_______________________

سعادة طاغية عمت الأجواء والنساء متجمعين حول السياج الذي شيده عابد ليحوط به مساحة الملعب الوهمي..وجوري تصفر لأبيها صائحة بصوتها المحبب( ألعب يابابا وامسحهم كلهم) متجاهلة عامر تماما رغم نظراته التى تراقبها وتفقده التركيز وهي تتدرك ولا تكترث له..كما تصيح عطر مشجعة أبيها وشقيقها..وعيناها لا تغفل عن يزيد وقلبها منتشي لرؤيته يضحك ويمازح الجميع بتلك الأجواء الخاطفة للقلوب.. وزمزم لأول مرة تصيح بهذا المرح دون تحفظ مشجعة أبيها وشقيقها محمود ولولا الخجل لصاحت مشجعة عابد لكن لن تقدر على الجهر هذا أمام العلن..و الصغير بين يديها يتابع بنهم وفضول بريء وهو يصفق بين لحظة وأخرى وعيناه متعلقة بصديقه الكبير مناديا كأنه يشجعه " آبد آبد"..ثم يعاود النداء على الجد هاتفا " ددو ممد" ..!

أما بلقيس فمشاعرها تفوق الجميع وهي تشاهد ظافر لأول مرة بهذا الانطلاق والمرونة وقد ظهر أمامها لاعب حقيقي وهو يطارد الكرة ويسددها عدة مرات ليكون هو الكارت الرابح لفريق أبيها الذي بدا أمامها أكثر شبابا وقوة وقد نسى خوفه وعمره وانطلق هو الأخر ليعيد اجواء بعيدة كان يحياها وسط اشقائه ورفاقه! ضحكات أبيها والسعادة على وجهه جعلت دموعها تسيل بصمت لتجففها سريعا..والټفت لتجد والدتها تلاحق بعيناها زوجها وكذلك العمة كريمة والعمة فدوة ومثلهم زوجة العم محمد الذي بدا أكثرهم انطلاق في الملعب..وضحكت وهو يعترض على حكم العم ناجي الذي وافق ان يصير الحكم في تلك المباراة العائلية!

همست إيلاف التى تجاور والدتها: أنا مبسوطة اوي يا ماما..اول مرة اشوف اخويا فرحان كده ومنطلق..طول عمره بيشتغل وبيراعينا وبس..بصراحة الأجواء الرمضانية هنا مختلفة خالص..حقيقي مبسوطة!


_ طب الحمد لله..وبلاش مادام دي احنا نسايب وهنبقى اهل بإذن الله ونظرت للفتاة وقالت: روحي يا إيلى اقفى مع عطر وجورى وبلقيس سنكم قريب وهتتبسطى معاهم وانا هفضل مع ماما..!
_ماشي يا طنط..عن اذنكم!

ذهبت ايلاف وظلت هى تتثامر وتتمازح مع والدة ظافر لتترابط علاقتهما اكثر وأكثر..!

_____________________

_والله طلعت مش سهل يا أدهم.. الصبح يقولى انا مفستك ياكريمة وعايز عمرة..ودلوقت عمال يرمح ولا ابن العشرين
درة ضاحكة: وعاصم لسه من يومين بيقولى السكر هدنى واديكم شايفين هو واخواته واكلين الشباب

عبير بمزاح: ده اللي اسمه هرمون السعادة..الاجواء نسيتهم العمر..بصراحة انا منبهزرة وفرحانة لدرجة عايزة انزل الملعب معاهم
فدوة مازحة: هتنزلي تعملى ايه
_هقف جول ولا اجدعها حضري 
______________________

يزيد وهو يتنحى بشقيقه هامسا: عابد خف على ابوك وعمامك دول عضمة كبيرة..اوعي يتخبطوا خبطة كده ولا كده هنفخك.. خلينا ندخل على رمضان من غير عاهات

عابد من بين لهاثه: متخافش هو انا غشيم؟ وبعدين اخبط مين ده ابوك كل شوية يرزعنى كتف لما أكتافى ورمت..وعمك محمد هريني مقصات في رجلي
ضحك يزيد: مش مشكلة..اضرب وانت ساكت!
_منا ساكت اهو ومؤدب!
ثم باغته بنكزة قوية من قبضته بصدره قبل ابتعاده:
وانت حرك نفسك شوية ياكبير مستواك مش عاجبني

رمقه يزيد بحنق وهو يتحسس صدره: يخربيت غباوتك وهزارك..

وعاد مستأنفا اللعب مع الجميع لتنتهى المبارة العائلية بكثير من المزاحات والضحكات بينهم!
______________________
_لا والله كنت بتلعب حلو اوى..صح يابلقيس؟

هتفت بابتسامة رقيقة: عندها حق..لعبك كان حلو اوي ياظافر..انت اكتشاف انهاردة
_لا ده انا كده هتغر بقى 
قالت والدته بتحيز تلقائي: اتغر ياحبيبي براحتك!
لثم جبينها هاتقا: حبيبتى ياماما..المهم انكم مبسوطين..!
بلقيس على استحياء: لو عايز تغسل وشك عشان العرق بعد اللعب اتفضل اوريك الطريق!
_ياريت!
.............
همس لها بعد ابتعادهما : بجد انبسطى لما شوفتيني بلعب كورة
برقت عيناها وهي تجيبه: انبسطت بس؟ ده انا طايرة من الفرح انك معايا انهاردة وهنستقبل أول ليلة من رمضان سوا..وفرحانة اكتر وبابا مبسوط والحمد لله صحته كويسة ولعب كويس..وبكرة على الفطار انا هأكله بإيدى
_يابخته!
صمتت بخجل ..فاستطرد: ماقولتليش اعمامك عجبهم الهدايا؟
_جداااا جداااا..وماتتصورش ازاي قابلونى يا ظافر..عمو ادهم شالنى على رجله زي ما كان بيعمل وانا صغيرة..وعمو محمد فضل واخدني في حضنه وحسيته هيبكى من فرحته انه شايفني كويسة..حتى طنط كريمة فرحت اوى بهديتى..وبصراحة ماتوقعتش تقابلنى المقابلة دي ابدا..!
_اشمعنى؟!
كادت أن تخبره بالسبب..وخطبتها القديمة بيزيد وكيف تركته وجرحته.. فتجنبتها والدته كرد فعل غاضب لأى أم.. لكنها تراجعت عن إخباره حتى لا تتوتر الأجواء بينه وبين يزيد..هى تريد ترابط بين الجميع!
_ايه يابلقيس سرحتى في ايه؟ 
_لا مافيش حاجة.. ثم أشارت له:اتفضل الحمام اهو..وانا هجيب فوطة ولو عايز اي حاجة تانية قولى هجيبلك من عند بابا؟
نظر لها بخبث: زي ايه مثلا؟
تلعثمت قليلا: يعني لو عايز قميص عشان اللي انت لابسه عرقان خالص!
دنى هامسا بنبرة خطېرة:
لأ..عايز حاجة تاني!
نظرت له بتيه وقالت: ايه هى؟

لم يقاوم وحدقتاه ترسوا على شفتيها برغبة لم يستطع كبتها، فابتعدت بدفاع تلقائي واصطدمت بحائط خلفها..فضحك لإرباكها وقال مازحا حتى لا تخافه: انا عايز الجاكت بتاعى!
همست بدهشة: الجاكت؟!!
_ ايوة طبعا امال فاكرانى عايز ايه؟!
تنحنحت بحرج: لا مش فكرت حاجة..بس ....
_بس ايه؟!!!
_مش هتاخد الجاكت
_ليه هو مش بتاعى؟ والمفروض يرجعلي

أتى صوتها أعمق من سابقه وهي تهمس: 
لا يا ظافر ده ملكى..في عز خۏفي كان هو الأمان بالنسبالى ريحتك كانت بتخلينى اعرف ازاي اتنفس..مستحيل تاخده منى دلوقت او حتى بعد سنين!
تجرع ماء حنجرته ليسيطر على تأثره بما قالت وهمس: ماكنتش اعرف انه بيمثلك كل ده..عموما انا بهزر يابلقيس..الجاكت ملكك.. وصاحبه كمان ملكك!
__________________________

زمزم: دي تاني مرة تبهرني بلعبك يا عابد..كنت احسنهم..ومهند كان بينادي عليك وفرحان اوي وهو بيتفرج!
حمله عابد وهو يقبله: طبعا انا عارف ان صاحبي اللي هيشجعنى وشوفته وهو بيشاورلى!
وواصل: اتبسطى بالأجواء دي يا زمزم؟
عبرت بصدق: مش هقدر اوصفلك فرحتى برمضان السنادي..والله ماببالغ لو قلت دي احلى مرة في عمري كله ابقى مبسوطة كدة بدخلة رمضان..الزينة اللي عملناها ومشاويرنا واحنا بنشتريها وهزارنا واحنا بنتنافس.. والمبارة اللي نظمتها بنفسك للكل شعارها كان المحبة، بجد فرحة طاغية حسيت ليها!

ونظرت له بامتنان شديد: شكرا ياعابد..انت انسان جميل اوي لأنك بتعرف ازاي تفرح كل اللي حواليك وتهتم بيهم وتقسم ضحكتك معاهم..بتدى كل حاجة ومش بتستنى تاخد حاجة..عشان كده واثقة ان ربنا هيجازيك خير كتير

وكأنه ارتوى حتى الثمالة بعد صب مشاعرها ووصفها الذي لمس قلبه..لم يضع تعبه هباء..كان يخطط كيف يشعرها بالفرحة كما أرادها بالمثل للجميع، فكافئته بما قالت!
_____________________

_آبيه آبيه!
_ايه يابنتي عايزة ايه
همست بخفوت حذر: مش ملاحظ حاجة في عابد مع زمزم؟
_حاجة ايه مش فاهم
_اهتمامه الزايد بيها
_عادي دي بنت عمنا وطبيعي يهتم..وانا موصيه عليها
واخوكي اصلا جدع وبيقدر يهتم بالكل!

أومأت بالنفي وهي ترمق زمزم وشقيقها: لأ يا آبيه..الحاسة الخمستاشر عندي بتقول حاجة تاني
_الحاسة الكام يا اختي؟ وربنا انتي منخوليا
_الله يسامحك..لعلمك يا آبيه انا اكتشفت حاجة مهمة جدا
_اللي هي ايه؟
_اني اكتر واحدة في العيلة دي بتفهم وذكية
_ذكية؟ بأمارة ايه؟ امشي ياتجارة من هنا..ده انتي كنتي جاية الشركة تلعبي!
تخصرت بوقفتها كعادتها: يا سلام؟ هو لازم ابقي دكتورة ولا مهندسة زيك عشان ابقي ذكية..وبعدين انا اقصد ذكاء اجتماعي..بفهم اللي حواليا..واخدلي بالك انت!

_واخد ياحبيبتي واخد..روحي بقي واطلعي من دماغي شوية
_ماشي ياذوق

وهمت بالابتعاد فجذبها ثانيا وقال: استني صحيح قوليلي
_نعم 
_ انتي في حاجة عايزة تقوليهالي؟
_حاجة ايه؟
_اي حاجة يعني..شيء جديد حصل معاكي..موقف ما..كده يعني
_مافيش حاجة يا آبيه..مش فاكرة حاجة خالص..انت تقصد حاجة بعينها؟

رمقها بنظرة مبهمة ثم غمغم: لا مافيش انا بس بطمن عليكي
_ تسلم ياغالي..هسيبك بقى واروح اتفقد الرعية

ابتعدت فابتسم بظهرها وغمغم لنفسه: والله كبرتي يا زئردة وبقيتي تشغلي القلوب! ربنا يكتبلك الخير ياقلب اخوكي!
___________________

لا تعرف أين اختفت عطر! وذهبت لتبحث عنها في الحديقة الخلفية ربما كانت هناك!

"جوري"

انتفضت وهي تلتفت له متفاجئة: عامر؟ انت ايه اللي جابك هنا؟ وبتناديني ليه؟ ياريت يا استاذ تحترم المكان اللي انت فيه..عن أذنك!

وهمت بتركه فعاق طريقها بجسده الفارع حتى بدت أمامه كالقطة..وغمغم : جوري ادينى فرصة افهمك عشان خاطري..انا ماصدقت عرفت الاقيكي لوحدك
_ وسع من طريقى احسلك بدال ما انادي بابا واخواتي يوقفوك عند حدك!
هتف بعناد: حدودى مش ممكن اتعداها..ومش هتمشى من هنا غير اما اتكلم معاكى!

نظرت حولها فلم تجد أحدا..لحظها العاثرتقف معه بالجهة الخلفية من الحديقة..وبعيدة نوعا ما عن الجميع..شعرت بالخۏف..فتماسكت حتى لا يستشعره وقالت بحدة: قول اللي عندك وخلصنى!

نأملها برهة ليستحضر كلمات مناسبة ثم قال: انا عارف انى خدعتك بحقيقتى وليكى حق تفتكرينى لعبت بيكى وكنت بسخر منك
رمقته بنظرة قاسېة..وحديثه ذكرها بما فعل..فواصل:
بس دي مش الحقيقة!
هنفت بحدة: امال ايه الحقيقة؟ ضحكت عليا واتمسكنت وقلت عندك اخوات كتير وبتشقى عليهم..كنت بساعدك وانت في نفس الوقت بتسخر منى وبتعاملنى اني واحدة تافهة وغبية..وقلت لنفسك اتسلى عليها شوية وبعدين اعرفها..ولولا الصدفة كشفتك قدامي كنت زمانك لسه بتتسلى على البنت الغبية الساذجة!

_اقسم بالله ابدا..كنت هقولك في اليوم ده واستنيتك وانتى ماجيتيش..وحظي السيء اللي كشفنى قبل ما اصارحك.. انا مش خسيس ولا واحد تافهة ياجوري..انا شاب محترم وليا اخوات وعمري ما العب بحد..ومع كده مش بنكر غلطى وجيت اعتذر..خليكي انتى أكرم منى وسامحى..ده احنا حتى داخلين على شهر كريم..اغفري وخلى قلبك ابيض!
_انا مش أكرم ولا هغفر ولا عايزة اشوفك تاني مفهوم؟؟؟
وهمت بالابتعاد..فأعاقها ثانيا وقال بإحباط: خلاص براحتك هسببك لما تهدي بس.....
ومد لها حقيبة كبيرة تخفي الفانوس الذي صنعه لأجلها وقتل برجاء: وحياة كل غالى عندك تقبلى الفانوس ده..انا عملته بإيدى حتة حتة عشانك..ماتكسفنيش وتضيعى مجهود 3 ليالي!

نقلت بصرها بينه وببن الغانوس الذي لفت انظارها بجماله..ثم اتسعت عيناها حين أداره لتظهر صورتها ملتصقة بإحدي جوانبه..فهمست بذهول: انت جبت صورتي منين ياجدع انت!؟
_من الفيس بتاعك..طبعت الصورة واخدتها عادي..!
ضيقت عيناها بحنق وقالت: يابجاحتك يا اخى..ومين سمحلك بكده؟؟
شاكسها: محدش سمح.. وبراحتى اخدتها..ثم همس بهيام: وبنام عليها كل يوم!

"آآآه" يخربيت كده..بتاخديني على خوانة ياجوري وتهرسي رجلي بكعب جزمتك يا أوزعة!
_أنا أوزعة يا فيل..وبعدين احترم نفسك في الكلام واتعدل وبلاش غلط!
ثم جذبت منه الفانوس بغته هاتفة پغضب ممتع له:
ولعلمك انا هاخد الفانوس ده عارف ليه؟؟؟؟
همس بانشكاح: ليه؟

_لأنى دافعة فلوسه مسبقا..انت ناسي الفلوس اللي ادتهالك اول مرة يا نصاب..!
ثم رمقته بامتعاض: عن أذنك!

مرت من أمامه وهو يطالعها بغيظ ثم احتلت وجهه الابتسامة مغمغما لنفسه: مش مهم السبب..المهم انك اخدتيه يا ملاكى!
___________________________

_كل سنة وانتى طيبة ياعطر
_وانت طيب يا يزيد
_انتى زعلانة مني؟
_لا ابدا مش زعلانة
_طب متجنبانى ليه من وقت ماجيت
_وهتجنبك ليه يعنى..الدنيا زحمة وبكلم الكل
_امممم مشغولة..انا ملاحظ انك بقيتى تهزري مع محمود مع ان ماكنتيش بتتعاملى معاه!
_اصل انا وهو كنا في فريق واحد وبصراحة طلع شخص ظريف واخدنا على بعض شوية!
_ايه اخدتوا على بعض دي؟ محمود غريب بالنسبالك والافضل يكون في حدود
همت بالرد عليه فقاطعها مجيء عابد:
ايه رأيكم في السهرة اللي عملتهالكم..يلا عدوا الجمايل ( لم يجيبه احد منهما..فارتاب عابد لأمرهما وقال) ايه مالكم ياجماعة؟

يزيد:مافيش حاجة ياعابد والسهرة بتاعتك حقيقي جميلة وانا عن نفسي استمتعت بيها جدا
_وكنت هتتبسط اكتر ياكبير لو عملت زينة معانا..بس الحمد لله اديك عملتها مع أمونة وعلقتوها في المكتب!

ندت عنها نظرة ڼارية يشوبها كذلك الدهشة وسريعا ما تلاشت ليحتل الجمود ملامحها..واستأذنت بالرحيل!
..........
يزيد بعد رحيلها..!

هو انت كان لازم يعني تسيح بحكاية الزينة مع امونة!
_احرجك ليه..اذا كان ابوك وعمك عاصم وعمك محمد اللي علقو الزينة معانا امبارح.. دي فرحة للكبير والصغير يا زيدو

_ ماشي يافصيح..
ثم مال عليه هامسا بحذر: المهم جبت اللي طلبته؟
عابد بحذر مماثل: جبته يامعلم وحطيته في اوضتك فوق..اطلع جيبه وانا هراقب الطريق..ولو البوليس ھجم ..هصفرلك!

(آآآه...إيه ياعم حركة الغدر دي بټضرب ليه؟)

_عشان بتستظرف..هو انا طلبت منك مخډرات؟
_ ماهو صوتك الواطي وانت بتبص حواليك حسسني بكده وبعدين بهزر معاك يازيدو 
_ هزر بس اعقل شوية ياعابد ممكن؟
_لأ..!
زفر بحنق وقال: طب روح نادي عطر وخليها تستنانى هنا..وقولها دقايق ونازل!
______________

فاشلة وحمقاء وغبية!
هكذا وقفت تنعت نفسها..ألم تتعاهد بداخلها ألا تظهر غيرتها؟ لكن كيف لا تغار حين تسمع انه احتفل هو وامونة دون الجميع..؟

" عطر..يزيد عايزك، بيقول استنيه مكان ماكنتم واقفين وهو نازل بعد دقايق"
ابلغها عابد رسالة أخيه ومضى..أما هى فلم تتحرك إليه..!
___________________

أنسة إيلاف!

التفتت لتتفقد من ينادي..لتجده يقترب هاتفا بتهذيب: ازيك.. مش فاكرانى؟ أنا المړيض اللي كنت في المستشفى و....
قاطعته: أيوة أيوة فاكراك..وحاد بصرها بتلقائية لقدمه مواصلة: شايفة رجلك بقيت أحسن!
ابتسم لها: الحمد لله احسن كتير..واستطرد بتعريف نفسه: أنا أسمى محمود..وابن عم بلقيس خطيبة اخوكى ظافر..!
اومأت له قائلة:أهلا وسهلا
_اهلا بيكى..انا ماكنتش اتوقع الصدفة دي انى اشوفك هنا..وكمان يطلع بنا نسب!

شعرت بثقل الحديث عليها وتريد ان تواصل بحثها عن ظافر لتخبره شيء..ففاجأها بقوله بعد ان تأملها برهة هامسا: ليه حاطة لينسز ومخبية عيونك!

حدقت فيه بدهشة ثم عصفت حدقتاها پغضب وهى تجيبه : وانت مالك يا استاذ؟ ده شيء يخصك في حاجة؟!!
_أسف أسف والله ما قصدت أى تطفل..سامحينى وماتضايقيش!
زفرت وهمت بتركه دون اكتراث..فلحقها سريعا:
استنى بس والله ما اقصد حاجة وحشة انا حبيت اقولك ان عيونك مميزة جدا وانى اتمنيت اشوفك وروحت دورت عليكى في نفس المستسفى و.....

قاطعته بثورة: ده انت زودتها أوى..ولو وقفتنى ولا كلمتنى تانى هيحصل حاجة مش كويسة!
ومضت غاضبة وهو يطالع أثرها بضيق..لم يكن بخطط ابدا لإغضابها ورغم ذلك تسللت لشفتيه ابتسامة لرؤيتها..وهذا أمر جيد يستحق سعادته!
وحتما سيراها مرة أخرى!
____________________
لما لم تأتى حتى الآن؟
هل نسي عابد إبلاغها بالحضور إليه؟
قرر أن يذهب ويبحث عنها ليهاديها فانوس رمضان!

وجدها أخير تقف تتثامر مع محمود وتبدو بحالة مرح وهي تضحك ومعها جوري!

_عطر..دقيقة لو سمحت!

التفتت له وتمتمت ببرود: دقيقة يا يزيد بحكي لمحمود وجوري حاجة وهاحصلك!
تغاضى عن قلة ذوقها معه وقال: طب انا مستنيكي مكان ما كنا واقفين!
..........................

وقفت تراقبه خلسة وهو يستند لشجرته بشرود وجبين مقطوب..وتشعر ببعض الخۏف لاستفزازه حين تعمدت التأخير بالحضور إليه ورغم هذا ظل منتظرا..!

"تعالى ياعطر وبطلى تلصص زي الحرامية"

انتفضت واتسعت عيناها بذهول!
كيف كشفها وهي لم تصدر أي صوت ينذره بوجودها؟
انحنحت لتتمالك أمرها ورفعت أنفها بإيباء وتقدمت إليه مغمغمة: أنا ماكنتش بتلصص ولا حاجة..!

استدار إليها ومازال وجهه عابس ونظرته إليها غامضة ومربكة..وحاولت هى التحكم بانتفاضتها من نظرته الفاحصة وشتت نظرها بعيدا حتى سمعت همسته: انتى اتعمدتي تتأخري عليا صح؟
_وهتعمد ليه..الكلام أخدنى مع محمود وجوري!
ظل على نظرته المربكة لها بصع ثوان..ثم زفر ليفرغ طاقة غضبه منها..ولانت ملامحه وهمس بصوت أرق:
كل سنة وانتى طيبة ياعطر!..وقارن تهنئته بتقديم كا جلبه لها مواصلا: جبتلك فانوس عشان رمضان!

نظرت لهديته ورغم فرحتها شعرت بغصة..هاهو يبدأ بالعطف عليها بعد أن انكشفت مشاعرها له..لن تنال من قلبه سوى الشفقة!
أومأت له برزانة: وانت طيب يا يزيد..وشكرا تعبت نفسك!
أمال وجهه يمينا وهو يطالعها بتمعن: 
انتى مش فرحانة بهديتى؟
_ليه فرحانة وكتر خيرك انك افتكرتنى!
_طب قوليلى انتى زعلانة منى ليه؟
_انت ليه مصمم انى زعلانة؟

" السحور يآبيه أنت وعطر..يلا كله منتظركم الإمساك قرب تعالوا بسرعة عشان تلخقو تتسحروا براحتكم"

القت جوري بتحذيرها لهما سريعا وعادت حيث أتت!

فنظرت إليه وقالت: عن إذنك!
وترجلت خطوتين فقال سريعا:
عطر هاتى تليفونك اعمل مكالمة معلش!
التفتت له متعجبة..ومدت هاتفها بتلقائية مغمغمة:
اتفضل!

التقطه وتفحص شاسته سريعا لترتسم بعدها على شفتيه ابتسامة غريبة لم تفهم لها سببا..وأعاد لها هاتفها واستدارت لتذهب وعقلها مشوش.. لتقف بغتة محدقة بعيناها ثم التفتت له سريعا..لتجده يرمقها بابتسامة خبيثة..الآن أدركت سببها..!

فترجلت بعيدا عنه بعد أن رمته بنظرة حانقة..بينما هو اتسعت ابتسامته حتى صارت ضحكة قصيرة بعد أن شاهد صورته مازالت خلفية لهاتفها..ليرثوا على أرض اليقين ماحيا بقايا ظنونه.. من مشاعرها نحوه..والأغرب أنه هو أيضا لم يعد يشعر بالتردد كما كان..هناك شيء يتحرك داخله رغما عنه نحوها..!
_________________________

_ ايه ده كلمك وكمان جابلك فانوس؟ انتى يابنتى مچنونة؟ ازاي تقبليه مادام بتقولى انك مش طايقاه..ده تناقض مش مفهوم ياجوري!
_أنا اخدته لأن هو واخد تمنه!
عطر بنظرة ثاقبة: طب عيني في عينك كده؟!! 
_انتى عايزة ايه..
_عايزة الصراحة..انتى معحبة بعامر بس في نفس الوقت عايزة تربيه صح؟

صمتت برهة شاردة وقالت: بصي انا معرفش حاجة وحكاية انى عايزة اربيه ده حقيقي..لكن معجبة بيه؟ بجد مش عارفة..ثم نظرت الفانوس الذي صنعه وغمغمت:
بس عجبنى انه فضل ليالى يعمله عشان..الإحساس ده هزنى..ولقيتنى باخده بحيلة انى ليه عنده فلوس عشان احفظ كرامتى!

ربتت على كتفها بحنان: انا فهماكى وعلى فكرة انه يحى لحد هنا عشان يوصلك ويكلمك ويجيبلك هديته دي حاجة مافيش بنت تقدر تتجاهلها..كلنا طبيعتنا كبنات بنحب الاهتمام..! الشاب ده بيحبك ياجوري!

قالت بعناد: حتى لو بيحبنى لازم يتعاقب..انا مش هقدر انسى بسهولة كدبه واستغفاله ليا..انا صحيح بهزر وبسيطة من الناس لكن زعلى مش هين..وهو لازم يستحمل!

تبتسمت مغمغمة: هيستحمل..اللي يسيب اهله ويجى عند ناس غرب بحيلة مع صاحبه عشان يحاول يصالحك..هيستحمل منك اي حاجة!
________________________

في اليوم التالى..وقبل إفطار اليوم الأول بدقائق..وقرآن المغرب بصوت القاريء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد يملأ الأجواء والقلوب خاشعة تترجى قبول الصوم واستجابة الدعوات..صدح مدفع الإفطار يليه الآذان بصوت الشيخ محمد رفعت ثم النقشبندى وهو يشدوا بإحدى التواشيح المعبقة برائحة رمضان..ليكسر الصائمون صيامهم ببضع تمرات..وأدهم يهتف:

صلى بينا ياعاصم!

لبى بمحبة طلب شقيقه ووقف يصلى بهم إماما
ليبدأ الجميع بعدها بتناول وليمة الإفطار ما بين حامد وشاكر ..وينتهى أول يوم..وتتوالى نفحات الشهر بعهد متجدد ودعاء صادق لا يترك الأفواه..!

اللهم تقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال!
اللهم أخرجنا من رمضان ونحن مغفورين ومعتوقين!
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعف عنا وارحمنا واغفر لنا..!
____________________

يتبع. 

تم نسخ الرابط